يسود استغراب كبير وسط ساكنة حي سيدي بابا والأحياء المجاورة بسبب توفر مستشفى للولادة وسط الحي دون التمكن من الاستفادة من خدماته، حيث ارتفعت مطالب بتوضيح وضعية المستشفى الذي ظل مغلقا لأزيد من 10 سنوات.
تعود خيوط الحكاية إلى 11 سنة قبل الآن حين استبشر الساكنة خيرا ببناء مركز استشفائي خاص بالولادة بقلب حي سيدي بابا وسط العاصمة الإسماعلية مكناس، حيث كان من المنتظر أن تستفيد منه ساكنة أحياء وجه عروص، حي الزرهونية، حي السلام و حي سيدي سعيد كذلك، غير أن تلك الطموحات والآمال سرعان ما خفتت، بافتتاح المركز الصحي لمدة لم تتجاوز السنة ليقفل أبوابه في وجه المواطنين الذين ظلوا يتساءلون عن المغزى من بنائه أصلا إذا كان سيعمل لمدة عام ويغلق لعشر سنوات؟؟؟.
تساؤلات الساكنة لها ما يبررها فيكفي أن نذكر بفقرتين من المقال الذي سبق ونشرناه حول أزمة النقل الحضري وما يخلفها من تبعات حيث كتبنا ” وأمام غياب حافلات النقل الحضري المؤدية إلى حي سيدي بابا، تلجأ الساكنة للإستعانة بسيارات الأجرة الكبيرة رغم ثمنها المكلف مقارنة بحافلات النقل الحضري من أجل قضاء مآربها.
تلك المآرب التي تختلف من فئة لأخرى ومن شخص لآخر، حيث يضطر التلاميذ والطلبة الذين يتابعون دراستهم بالمدارس والكليات إلى أخذ سيارة أجرة كبيرة مكرهين رغم ثمنها الذي يثقل كاهلهم بشكل يومي، في حين يجد باقي المواطنون أنفسهم ملزمين بالركوب في سيارة أجرى كبيرة أو صغيرة قصد التبضع أو قضاء أغراض إدارية أو الذهاب إلى المستشفى أوغيرها من المشاغيل اليومية”.
قراءة متمعن للفقرتين السابقتين ستقودنا إلى إدراك حجم المعاناة التي يلقاها ساكنة حي سيدي بابا مع أزمة النقل الحضري حينما يرغبون في قضاء مآربهم، تلك المآرب التي يمكن أن تهم بين الفينة و الأخرى نساء حوامل وصل بهن المخاض إلى وضع مولودهن، أو سيدات يتابعن دورات التلقيح لأطفالهن و كذا أخريات ترغبن في استشارة طبية بخصوص إحدى المشاكل المرتبطة بالولادة …. فهل كل هذه النساء وغيرهن مطالبات بخوض معركة مع وسائل النقل من أجل التنقل إلى مستشفى محمد الخامس لقضاء ما سبق ذكره ؟؟
يربط أحد المتحدثين للجريدة استمرار مستشفى الولادة في اغلاق أبوابه بسماسرة القطاع الخاص، حيث الأمر بالنسبة له لعبة نسجت خيوطها في الكواليس، يوضح المتحدث فيقول “إن اغلاق هذا المستشفى راجع بالدرجة الأولى إلى رغبة الدولة في فتح المجال أمام القطاع الخاص وتشجيع الإقبال عليه سواء من طرف الأطباء بفتح مصحات خاصة أو من طرف المواطنين بالولوج إلى خدماته ما يعني حسبه التوجه إلى رفع الدولة مسؤوليتها عن قطاع الصحة بشكل تدريجي” .
ولهذا فمحدثنا لا يجد مبررا لإغلاق المستشفى المذكور سوى الرضوخ لمطالب وجشع القطاع الخاص، حيث يرفض ما يتم تداوله بين المتتبعين والساكنة بكون المستشفى يفتقد إلى أطر طبية وتمريضية تشرف على تسييره، فالأمر يضيف، بعيد عن لغة المنطق وإلا فلماذا بني المستشفى أصلا إن لم تكن هناك موارد بشرية تشتغل به ؟؟
في ظل غياب معلومة يقينية عن سبب إغلاق مستشفى الولادة بحي سيدي بابا تبقى الإشاعة تملأ الفراغ الذي ينتج عن غياب التواصل الكافي بين القائمين عن الشأن المحلي بالمدينة والمواطنين الذين لا يجدون أجوبة لأسئلتهم التي يطرحونها، حيث المفروض أن يضطلع المستشارون الجماعيون بدورهم ونقل معاناة الساكنة وتساؤلاتها إلى مراكز القرار بالمدينة بغية العودة بأجوبة قد تشفي غليلهم.
إن الأمر يقتضي تغليب مصلحة المواطن وجعلها ضمن الاولويات، وذلك بعيدا عن منطق الربح والخسارة و الحسابات السياسية الضيقة، فالأصل أن مركزا استشفائيا بني بحي سيدي بابا ليقدم خدماته الطبية لنسائه ونساء الأحياء المجاورة وذلك في تفعيل تام لمقتضيات الدستور المغربي الذي ينص على الحق في الصحة كأحد الحقوق الأساسية المفروض أن يتمتع بها كل مواطن مغربي.
ولا بأس هنا قبل الختم بالتذكر بأن القطاع الصحي ؛ بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المعروفة اختصارا ب “اليونيسكو” ومنظمة الصحة العالمية يعد من بين المعايير والمؤشرات الأساسية لقياس مدى تقدم أو تخلف أي بلد في العالم، وذلك طبعا إلى جانب التعليم والقضاء والدخل الفردي ..

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email