حضيت العاصمة الإسماعيلية بتنظيم دورتين ناجحتين “لمهرجان مكناس” أحدهما في 2016 والآخر في 2017، وتويجا لنجاحهما، أقيمت الدورة الثالثة ما بين 4 و 8 من دجنبر الجاري، ولاسيما أن مكناس صنفت هذه السنة ضمن أفضل عشرة مدن في العالم، حيث عرف المهرجان حضورا متفردا لشخصيات رسمية بارزة، وأخرى فنية مشهورة كالفنان المصري هاني شاكر، والمطربة لطيفة رأفة، ومجموعة “آش كاين”، إضافة إلى مشاركة الكوميدي “إيكو”.

وبما أن المدينة تعد عاصمة للثقافة والتراث، فقد استطاعت أن تحظى سنة 1996 بأن تسجل لدى منظمة اليونيسكو ضمن قائمة الثرات العالمي، مما جعل فعاليات المهرجان تمر عبر أجواء إيجابية على صعيد جميع المستويات، فاتخدت جماعة مكناس المهرجان عرفا ثقافيا، ملتزمة بتنظيمه سنويا بإشراك الجمعيات والهيئات المدنية الغيورة على إسم المدينة، وعليه؛ أقيمت دورة الثالثة في مناخ سلس لقي ترحيبا واستقبالا كبيرين من لدن الساكنة والزائرين والمثقفين وكل الفاعلين المهتمين رغم بعض الإنتقادات التي وجهت للمسؤولين عن المهرجان.

واستثمارا لنجاح نسختيه الأولى والثانية، وموازاة مع لأبعاد الثقافية والتاريخية والثراتية التي تزخر بها العاصمة الإسماعيلية، فقد نجحت في لعب دور نوعي في إنجاحه وتيسير مهام تدبيره، وإرضاء تطلعات كل الشركاء والمهتمين بهاته التظاهرة الثقافية.

كما تجدر الإشارة، إلى أن هاته التظاهرة تعتبر قيمة رمزية لواجهة المديتة، تجندت لها المؤسسات العمومية -المحلية والوطنية- وهيئات من المجتمع المدني وجمعيات من مختلف الفروع، فكرست طاقتها، وأطرت برامجها، لا لشيء سوى لمشاركة جماعة مكناس هذا العرس التراثي، بشكل يليق بالواجهة السياحية للمدينة، ومن أجل الرفع من الصورة الثقافية للمملكة ككل.

فبفضل مثل هاته المبادرة، بدأت مدينة مكناس تعود إلى واجهة الركب التنموي بعدما تم تهميشها وإقصاؤها لسنوات عدة، ففقط دورتان ناجحتان لمهرجان ثقافي جعلا مكناس تستحضر مجد عهدها الإسماعيلي، وأن تصبح واجهة سياحية بفضل ما تزخر به الحاضرة من مؤهلات تراثية كساحة الهديم وقصر المنصور والقصر البلدي وهري السواني… وأبوابها التاريخية التي تسر الناظرين من الزائرين، وما تتفرد به من نسيج فولكلوري فسيفسائي يتنوع مابين الصوفية والعيساوية والأمازيغية، إضافة إلى متحف يضم وثائق وخطوطات وتحف تاريخية، هذه الخصوصيات تشكل عاملا رئيسا للترويج للحاضرة الإسماعيلية ولتنوع مؤهلاتها، بإعتبارها رافدا من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، ومنه؛ فإن التأجيل الذي عرفه هذا المهرجان، كانت له نتائج إيجابية تجلت في التتظيم المحكم الذي تداركته اللجنة المنظمة، وجعله يشفع للقسم الثقافي نهج سياسة الإرتجال وعدم المسؤولية في احتضان تظاهرة مهمة في وقتها المحدد، إلا أن التتظيم الناجح جعل المكناسيين ومثقفيها وفاعليها، ينوهون بتدارك الموقف والحفاظ على صورة المهرجان الذي أصبح واجهة لمكناس ومفخرة للمكناسيين.

ويبدو أن القسم الثقافي لمدينة مكناس استفاد من الأخطاء والإنتقادات الموجهة إليه زهاء النسختين السابقتين للمهرجان، فمضى عبر سياسة عقلانية تتسم بالتنظيم السلس، والمسؤولية في تبني مقاربة تشاركية تلتزم بالبرامج المقترحة من لدن جمعيات المجتمع المدني والهيئات المنخرطة ضمن اللجنة المنظمة، بهدف تجسيد الرسالة الروحية والتراثية للمهرجان، من أجل المساهمة في خلق فرجة بناءة ورواج تجاري وسياحي للحاضرة، وفرصة لإبراز مواهب وطاقات المدينة.

ولعل هذا ما أكدته “أسماء خوجة”، المشرفة على الدورة الثالثة، حين صرحت: (بأن هذه النسخة تأتي في أطار دعم مجهودات الجمعيات والتعاونيات والفعاليات بالمدينة)، لتضيف أيضا؛ (أن هذه الدورة تعرف تنظيم معارض للكتاب تشجيعا للقراءة، وتنظيم سهرات شبابية سيحضرها فناني المدينة).

لذلك، ليس من العبث أن تنطلق فعاليات مهرجان مكناس، بإفتتاح معرض منتدى الجمعيات والتعاونيات وبفضاءات عرضت فيها أبرز الإنجازات والمنتجات المحلية.

وفي الختام؛ سواء اتفقنا أو اختلفنا مع جميع فعاليات المهرجان، فلابد أن ننوه بمجهودات اللجنة المنظمة وبالمشاركة النوعية للفاعلين من جمعيات وتعاونيات وشراء، لحرصهم على إنجاج هذا العرف الثقافي، والعرس التراثي، ولتجندهم من أجل رفع صورة مدينة مكناس.
وأيضا لابد أن يفتخر الجميع بمنتديات المهرجان، التي تعد مناسبة لتبادل التجارب والأفكار بين المشاركين الذي عرفت ضمنهم الجمعيات والتعاونيات حضورا مكثفا ووازنا، مما جعل التظاهرة محطة لتثمين المنتوج الثقافي بالمدينة وبالجهة، وفرصة قيمة للتعريف والتسويق لتراثها العالمي العريق.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email