لم تتوقف معاناة أصحاب الأمراض المزمنة في المغرب عند صعوبات  متابعة علاجاتهم وزيارة  أطبائهم مع تفشي فيروس كورونا وتخصيص جل المستشفيات لعلاج المصابين بعدوى الفيروس التاجي، بل تضاعفت آلامهم وتفاقمت أوضاعهم الصحية بسبب صعوبات الحصول على  الأدوية الحيوية، حيث تسبب وقف تزويد الصيدليات بأدوية ضرورية خاصة بمعالجة مجموعة من الأمراض المزمنة، في مزيد من المعاناة بسب الاضطرار إلى عدم متابعة العلاج طوال أسابيع.

لا بأس بالوقوف عند بعض الإفادات لمنظمة الصحة العالمية  عن  الأمراض المزمنة، حيث توضح الهيئة العالمية أنها(أي الأمراض المزمنة)  تدوم فترات طويلة وتتطوّر بصورة بطيئة عموماً. وتأتي الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة والسكري، في مقدمة الأسباب الرئيسية للوفاة في شتى أنحاء العالم، إذ تقف وراء 63% من مجموع الوفيات.

نغلق قوس الإفادة التي نتمنى منها أن  تجعل القائمين على الشأن الصحي بالمملكة يراجعون طريقة تدبيرهم  لملف المواطنين الذين يعانون من الأمراض المزمنة، ونعود لتسليط الضوء على العوائق التي تواجهها هذه الفئة في مسار علاجها  بمغربنا الحبيب .

رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، علي لطفي، قال في تصريحات صحفية سابقة له  إن “ندرة الأدوية أو فقدانها بالكامل يهم أزيد من مائة دواء سنويا في المغرب، تشكل الأدوية المزمنة منها قرابة عشرين في المائة”، كما يؤكد أن “فقدان الأدوية لم يعد رهينا ببعض الأسباب التقنية أو بسحبها لدواع صحية، وإنما تطرح أسئلة بشأن الجهة التي تقف وراء اختفائها، خصوصا أن وزارة الصحة اتخذت قرارات يتيمة ومشكوكا في صحتها تتعلق أساسا بتخفيض أسعار بعض الأدوية”.

وفي تصريحات متفرقة لصيادلة استشف منها بأن الخصاص المسجل في مخزون تشكيلة واسعة من الأدوية، قد تسبب للمرضى في مشاكل صحية ونفسية، مما بات يستدعي من السلطات الوصية على القطاع إنتاج الأدوية المطلوبة واستيرادها، للتدخل بشكل عاجل لحل هذه الأزمة، وذلك تفاديا لولوج الأسر إلى السوق السوداء للحصول على الأدوية.

حتى لا نبتعد عن غايتنا  من مقالنا هذا وجب نقل المطلب الأساسي الذي ينادي به المواطنون من ذوي الأمراض المزمنة، والمتمثل في دعوة وزارة الصحة لتوفير  الأدوية التي دأبوا على استخدامها في مسار تسكين أمراضهم المزمنة بمختلف المستشفيات العمومية مجانا وذلك تفاديا لإكراهات الانتقال  من منطقة الإقامة إلى مدينة أو منطقة أخرى حيث تبدأ رحلة المعانات في البحث عن الدواء بين مستشفيات المنطقة الجديدة.

في هذا الصدد يورد  احد الاشخاص الذين يعانون من مرض مزمن في حديثه مع جريدة “الوطنية بريس أنه عانى الأمرين مع ايجاد دواء يستعمله بشكل منتظم وقد شاءت الأقدار أن تنفذ الجرعات التي بحوزته  حينما تنقل من مدينته   إلى مدينة أخرى لزيارة أحد أقاربه، حيث  واجهة صعوبة في ايجاد  دوائه بإحدى المستشفيات هناك ، إذ دفعته الضرورة لتسديد ثمنه من أجل الحصول عليه .

إن الأصل في الأمر أن يجد متحدث الجريدة دوائه متوفرا في المستشفيات العمومية بالمجان أينما حل وارتحل دون أن يتطلب منه الأمر دفع ثمنه، وذلك كحق من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كمواطن يؤدي عدد من الضرائب المباشرة والغير مباشرة للدولة .

لا يختلف إثنان في اعتبار جائحة كورنا أزمة  أحدثت تغيرا كبير في نمط عيش الأفراد عبر ربوع العالم هذا التغير الذي لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن نبرر به إهمال المواطنين المغاربة المصابين بالأمراض المزمنة،  فكما أن وزارة الصحة مطالبة بالاستمرار في معركتها ضد الفيروس التاجي، من واجبها الصراع كذلك على واجهة أخرى من أجل ضمان تيسير وصول المواطنين ذوي الأمراض المزمنة إلى الأدوية التي دأبوا على استعمالها، لا لشيء سوى لضمان حق من الحقوق المكفولة للمواطنين بموجب الفصل 31 من الدستور المغربي ألا وهو الحق في العلاج والعناية الصحية.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email