من الصادم حقا أن نكتشف بأن مدينة مكناس بحمولتها الثقافية وحضارتها العربية الإسلامية وموقعها الجغرافي بالمملكة  وكثافتها السكانية التي وصلت  إلى  517  ألف نسمة وفق آخر الإحصاءات، تتوفر إلى حدود كتابة هذه الأسطر من سنة 2020 على مقبرتين  فقط لا تزال طاقهما الاستيعابية تسمح بدفن أموات المسلمين من سكان العاصمة الإسماعلية.
حقيقة و إن  كان من الصعب استساغتها  إلا أن المعطيات المتوفرة تؤكدها،  فكيف ذلك؟؟
تشير المعلومات التي حصلت عليها الجريدة  أن  جل المقابر التي خصصت لدفن أموات المسلمين بمدينة مكناس تعاني اكتظاظا  كبيرا، وهي حسب معطيات الجريدة المقابر المتواجد بأحياء سيدي بابا، السلام ، بريما، الزرهونية ، البرج، باب جديد، الزيتون، حيث يلجأ سكان  الأحياء المذكورة لنقل أمواتهم إلى المقبرة المتواجدة بحي سيدي بوزكري أو تلك المجاورة للمدينة الجديدة “حمرية”.
إن الخيار الذي يجده سكان الأحياء السالفة الذكر إن هم أرادوا دفن أحد الأموات بمقبرة الحي التي يقطنون بها هو إعادة حفر إحدى القبور القديمة التي عادت بها العوامل الطبيعية إلى مستوى التسطيح، حيث يتم نبش القبر مرة أخرى وجمع العظام التي يمكن انتشالها لتحفظ في حفرة صغيرة، وهذا كله بهدف إيجاد مكان لميت  بين إخوته المسلمين الذين وافتهم المنية قبله !!.
قد يكون الأمر غريبا بعض الشيء لكن وللأسف الحقائق والمعطيات التي تتوفر عليها الجريدة تزكي ما سبق ذكره، وهو ما يطرح عددا من علامات الاستفهام على الطريقة التي يتم بها تدبير المساحات المخصصة  للمقابر  من طرف المسؤولين على الشأن المحلي بالمدينة .
هي إذن مسؤولية من بين المسؤوليات التي تقع على عاتق أصحاب القرار بالعاصمة الإسماعلية، والمتمثلين في  مجلس المدينة والمندوبية الجهوية لوزارة  الأوقاف والشؤون الإسلامية باعتبارها وصية على  تدبير الحقل الديني بالعاصمة الإسماعلية و بالجهة ككل.
ترتفع أصوات عدد من الحناجر مطالبة بسياسة تضمن للميت كرامته، كما تمتعض أصوات أخرى من خسارة الملايير من الدراهم في تنظيم المهرجانات و الحفلات في وقت يتم فيه إغفال شراء أراضي وتخصيصها لتشييد مقابر يدفن فيها أموات المسلمين، فالأمر حسب الحناجر الممتعضة  يقتضي رد ذلك الإعتبار الذي لم يتمتع به المواطن في حياته  على الأقل حينما ينقضي أجله.
نختم مقالنا هذا بتأكيد حقيقة نرتاح لها شخصيا مفادها أنه “إذا كان المواطن لم يتمتع بحقوقه الأساسية في حياته فعدالة السماء ومحكمة الله عز وجل ستنصفه لا محالة …”

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email