الوطنية بريس

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، اليوم الأربعاء بالقصر الملكي العامر بمدينة الدار البيضاء، الدرس الرابع من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

وألقى درس اليوم بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ عبد الرحمن إبراهيم زيد الكيلاني، عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، متناولا بالدرس والتحليل موضوع : “مقاصد القرآن الكريم وبناء المشتركات الإنسانية الجامعة”، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة الحجرات : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.

 

وأبرز المحاضر، في مستهل هذا الدرس، أن من المقاصد القرآنية العظيمة تحقيق التواصل والتعاون بين شعوب الأرض وأممها، على اختلاف أعراقهم وألوانهم ومذاهبهم ومللهم، وكذا بناء المشتركات الإنسانية الجامعة التي تشكل جسر التعاون الإنساني.

 

وأوضح أن الآية الثالثة عشر من سورة الحجرات موضوع الدرس، تعد دستورا للأخوة بين الناس، وتتضمن هداية إلى أسلوب تحقيق الأخوة والتعارف، معتبرا أن الجهل مبعث النكران والتحقير وسوء الظن، وأن التعارف – في المقابل – يحيل على الاعتراف بالوجود ثم بالفضل للآخر.

 

وبعدما بين أن مضمون الآية لم يكن له مثيل سابق في ثرات الإنسانية الديني والفلسفي، أبرز أن هذا المثال يشكل مسعى الإنسانية كافة في العصر الحالي من خلال وضع عدد من المنظومات المتصلة بحقوق الإنسان.

 

ويرى عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية أنه لا تمكن الدعوة لمضمون الآية إلا بتحقيقه على أرض الواقع، وهو من الأمانات التي على المسلمين إزاء أنفسهم وإزاء غيرهم من الشعوب.

 

كما توقف عند النظرة القرآنية الحضارية التي تؤسس لتفاهم المجتمعات الإنسانية وتعاونها على الخير من خلال رفض أشكال التصنيف العنصري، مبينا أن هذه النظرة تدعو الإنسان إلى تجاوز منطق الخصومة والصدام، وتغري بالتلاقي واحترام مساحات التشابه بين الأمم على مستوى الفكر والإبداع.

 

واستحضر الأستاذ الكيلاني، في هذا الإطار، الخطابات القرآنية والحديثية المغذية للاتجاه الإيجابي في العلاقات بين الشعوب والأمم، التي تظهر النظرة الحانية إلى بني آدم أجمعين على امتداد وجودهم في الحياة، والتي تؤكد على وحدة الجنس الإنساني ووحدة أصله وأساسه.

 

وبحسب المحاضر، فإن عالم اليوم في حاجة ماسة إلى تفعيل هذا الخطاب القرآني ليكون مدخلا للتعارف بين الشعوب والأمم والحضارات، ونشر قيم الصفح والتسامح بدلا من الاحتراب، لاسيما في ظل خطابات الكراهية التي باتت تشحن كثيرا من التكتلات الإنسانية.

 

من جهة أخرى، عرج الأستاذ الكيلاني على العطاء العلمي لعلماء الأمة في هذا الباب، وخاصة ما ذكروه في المقاصد الضرورية الخمسة ؛ المتمثلة في الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وأنها مما اتفقت عليه الملل والشرائع، مؤكدا أن هذه المقاصد القرآنية الكبرى تصلح لاستيعاب ما لايحصى من الوسائل والأساليب المعاصرة الكفيلة ببناء المشتركات الإنسانية الجامعة، كالتعاون على محاربة الفقر والجوع والبطالة، والتصدي للأمراض، والتعاون للحفاظ على البيئة، وغيرها.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email