الوطنية بريس محمد الحمدوشي
إن مرحلة الطفولة من أهم مراحل تكوين و نمو الشخصية ، و هي كذلك مرحلة إعداد و تدريب الطفل للقيام بالدور المطلوب منه في الحياة .وقد صدق من قال “الطفل أبو الرجل ” ، كما أن المثل الشعبي المغربي يخبرنا بحكمة أن ” الفقوس من الصغر كيعواج ” .
فحياة الإنسان تطلبت فترة أطول للطفولة لإعداد و تربية الأبناء للمستقبل. لكن غالبا ما تتم التضحية بهذه المرحلة ، و يستمر الأباء في تربية أطفالهم حياتهم كلها .
* لماذا التربية

التربية موضوع صعب لأنها علاقة بين جيلين مختلفين بنظرتهم للحياة و البيئة التي يعيشون فيها بالإضافة إلى اختلاف التحديات التي تواجه كل جيل.
فالعديد من العلاقات مع الأطفال تكون لها ممارسات خاطئة في عملية نقل المعلومة من جيل إلى جيل ، قد يكون هناك عنف من طرف الأباء أو حدة أو أسلوب خاطئ . الاباء لا يريدون ان يضروا أبنائهم ، و لكن لا يملكون سوى تلك الطريقة او ذلك الأسلوب .
من بين الأسباب الرئيسية لكل إخفاق في التربية ؛ هو كون العديد من الناس يعتبرون التربية إجتهادات شخصية لا تحتاج لجهد التعلم . كما ان هناك أشخاص كثر يستحيون من التعلم او التسائل في الكبر و يربطون التعلم بالطفولة و الشباب . مع العلم ان التربية في الإسلام مستمرة وتستغرق الحياة كلها « وقل ربي زدني علما » .
* التربية الذكية

هي عملية منظمة و مخطط لها وهي بعيدة عن كل عفوية او عشوائية.
و تهدف لرعايات سته :
_ الرعاية النفسية
_ الرعاية الإجتماعية
_ الرعاية الصحية
_ الرعاية العلمية
_ الرعاية الروحية
_ الرعاية الوجدانية
إذا أخضعنا أي تربية إلى تفكير مسبق فهي تربية ذكية ، ففي هذه التربية يكون الأباء أصحاب الفعل وليس أصحاب رد الفعل.
فالتربية الذكية ليست نقل معلومات بل هي تفاعل يومي لنقل هذه المعلومات ، وهي كذلك تربية بالمعلومات و ليس بالتعليمات.
* الأبناء
الأبناء هم البشرى : « يا زكرياء إنا نبشرك بغلام » 1
الأبناء هم قرة العين : « ربنا هب لنا من أزواجنا و ذريتنا قرة أعين » 2
هم زينة الحياة الدنيا : « المال و البنون زينة الحياة الدنيا »3
هم هبة الله : « و وهبنا لداوود سليمان » 4
هؤلاء هم الأبناء إنهم هبة الله و هبة الله ثمينة فلنجتهد في تربيتهم . فهم رجال الغد و هم أمل الأمة و هم حملة المشعل و الرسالة .
* إجمع القمح و احذر النمل

تربية الأبناء يجب ان تكون تربية ذكية و إيجابية ، لذلك علي المقبلين على الزواج و الأباء ان يشتغلوا على أن انفسهم أولا و ان يجتهدوا في تعلم فنون و مهارات التربية ثانيا.
فمقولة ” إجمع القمح و احذر النمل ” تطلعنا على بعض المبادئ و القواعد و المهارات المتطورة في مجال التربية.
فالقمح هو إختصار للكلمات التالية : _ قبول( تقبل )_ مدح _ حب .
و النمل هو إختصار لكل من : _ نقد _ مقارنة _ لوم .

# قبول/تقبل
اتقبل إبني كما هو ، فهو هدية الله ، لا حتي ينجح ، حتى يحصل على معدل محدد . التقبل يعني الإحترام عامل طفلك علي أنه السيد إبنك ، التقبل كذلك يلغي المسافات الفكرية و العاطفية بين الأباء و الأبناء . احترم قدرات الطفل و إمكانياته و تقبل الإختلاف و الفوارق بين الأطفال ، فكل طفل ينبغي ان نعامله بأسلوب يتناسب مع شخصيته.

# مدح
المدح يصنع المعجزات ، فكلنا يحركنا المدح ، و أفضل و سيلة لتعزيز السلوك عند الولد ، أن تمدحه. إمدحه على المحاولة و إن فشل ، إمدحه على صفة فيه و صفة تريدها ان تكون فيه. المربي الذكي يقابل ما يصدر عن الطفل بالمدح كتغدية راجعة فهو يعطي الأمل و يشجع . للأسف هنالك من لا يرضى و دائما يطلب المزيد بلا تشجيع .

# الحب
” الحب في القلب كالعطر في الزجاجة ، لا قيمة له إلا عند إنتشاره ” .
يقول العالم النفسي أوليڤر جيمز لكي تعيد ضبط ميزان طفلك العاطفي ( و ميزانك العاطفي ) عليك قضاء بعض الوقت معه ودع له القرار في هذا الوقت ( يحدد و يقرر ماذا سيفعل)
و خلال هذا الوقت عليك ان تعبر عن تقديرك و حبك لطفلك .
جميع الأباء و الأمهات يحبون أبنائهم و لكن إظهار الحب هو المطلوب ، عبر لطفلك عن حبك ؛ بنظرة الحب و بسمة الخب و كلمة الحب و لمسة الحب و قبلة الحب و حضن الحب و هدية الحب و لقمة الحب .
# النقد

النقد هو الإستراتيجية رقم واحد التي يستخدمها الأباء لتحفيز أبنائهم على التغيير لكن النتيجة تكون عكسية ، اكثر من هذا فالنقد يدمر العلاقات الإنسانية.
الطفل إما سيحاول تجنب المنتقد أو سوف يعاند و يرفض التعاون معه ، وقد يحاول ان يجعل هذا الشخص يشعر بنفس التعاسة التي جعله يشعر بها من خلال إنتقاده المستمر له .
لنتذكر انه من المستحيل الوصول إلى غاية إيجابية بإستخدام وسيلة سلبية. وللخروج من هذا النمط الهدام لا بد من التوقف عن الإنتقاد و التركيز على إيجابيات الأطفال بل و البحت عنها كذلك. .
# المقارنة

من الأساليب الخاطئة عملية المقارنة ، و الثناء على طفل واحد ، خاصة في الذكاء و القدرات العقلية و التفوق الدراسي ، هذا سيؤدي إلى الإحباط و يولد الغيرة و ربما العداوة بين الأطفال .
لنتذكر ان لكل طفل مواهبه و قدراته و أفضل من المقارنة هو أن نساعد الطفل على إكتشاف مناطق تميزه.

# اللوم
اللوم هو العتاب و هو نقيض المدح ، فاللوم يولد الشعور بالنقص و فقدان الثقة و يدمر الطفل من الداخل . خبراء التنمية الذاتية يخبروننا أن دماغنا يحب المدح ، و ان النقد و اللوم و المقارنة سيكون لهم اثر سلبي و خطير على صحة و سلامة الطفل بل هم بمثابة معاول لهدم شخصية الطفل و تدميرها.

يقال الطفل يعرف نفسه ، كما يعرف البصير ثوبه الذي يرتديه ، اي من خلال وصفنا للثوب ، فالطفل يتعرف على ذاته من خلال ما نقوله عنه . فعلى الأباء ان يتنبهوا لخطورة هذا الأمر ، فالأباء مصدرة ثقة للأبناء ، فكل الأوصاف القدحية و كل الرسائل السلبية يستقبلها الأبناء على أنها حقائق ثابتة. فالأباء حين يصفون إبنهم بالفاشل و الغبي و الضعيف فإنهم يساهمون فعليا و عمليا في صناعة هذا الفاشل و هذا الغبي و هذا الضعيف . لذا يجب أن يحمل خطاب الأباء للأبناء كلمات طيبة و رسائل إيجابية .

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email