لقد دأبت المملكة على تقديم دعم قوي وصادق، للمجهودات المبذولة من طرف الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل نهائي ومتفاوض بشأن الصحراء المغربية. وأمام استحالة تطبيق جميع المقترحات التي اقترحتها المملكة المغربية الشريفة الهادفة إلى حل الخلاف المفتعل من قبل أعداء الوحدة الترابية حتى أصبح هذا الملف في طريق مسدود، مما حدا بمجلس الأمن، منذ 2004، للدعوة إلى تجاوزه، بغية التوصل إلى حل سياسي مقبول من جميع الأطراف. واستجابة لهذا النداء، اقترح المغرب مقترحا سماه “المبادرة المغربية للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء”، وذلك في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية.
إنها مبادرة توافقية وخلاقة، مسؤولة ومنفتحة، ستمكن بالنظر لمضمونها وغاياتها، جميع الصحراويين، سواء منهم المقيمون داخل المملكة، أو الموجودون بالخارج، من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية، من خلال هيئات تمثيلية، تشريعية وتنفيذية، وقضائية. كما تتيح هذه المبادرة تجسيد مبدأ تقرير المصير، من خلال تعبير حر ديمقراطي وعصري، بشأن نظام الحكم الذاتي. وهي بذلك مطابقة للشرعية الدولية، مستوعبة للقواعد والمعايير العالمية المعمول بها في مجال الحكم الذاتي، فضلا عن كونها تكفل احترام حقوق الإنسان وتعزيزها، كما هو متعارف عليه عالميا، ويكرسها دستور المملكة.
وإن اقتناع المملكة المغربية لثابت بأن هذا المقترح سيخلق دينامية جديدة، على مستوى المسار الأممي المتعلق بتسوية هذا الخلاف، باعتباره يشكل قاعدة للحوار والتفاوض والتوافق. وفي هذا الصدد، تعبر المملكة المغربية عن استعدادها للانخراط، بكل عزم، في مفاوضات جدية ومعمقة مع الأطراف الأخرى، وذلك من أجل المساهمة الفعلية في إيجاد حل سياسي ونهائي، مقبول من طرف الجميع، طالما انتظره المجتمع الدولي.
وبفضل المسلسل الديمقراطي والاستشارات الداخلية واسعة النطاق، التي تم إغناؤها بمشاورات على الصعيد الدولي، يكون المغرب قد لبى النداء الصادر عن المجموعة الدولية، من خلال القبول بالانخراط في مفاوضات معمقة ودقيقة بخصوص مختلف جوانب هذه المبادرة. وتأمل المملكة المغربية أن تجد لدى الأطراف الأخرى، نفس الإرادة السياسية، للعمل بحسن نية، للتوصل إلى الحل النهائي المنشود لهذا الخلاف، والذي من شأنه إشاعة السلم والأمن في محيط جيو-استراتيجي محفوف بالمخاطر والتهديدات، وتوفير الظروف المواتية، انسجاما مع تطلعات الشعوب المغاربية، لانبثاق اتحاد مغرب عربي مستقر، متضامن، مزدهر وديمقراطي، باعتباره شريكا فاعلا في تعزيز التضامن الإفريقي، ومحاورا ذا مصداقية بالنسبة لمختلف شركاء المنطقة. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على تشبث المملكة المغربية بالمثل النبيلة التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة. وإن الشعب المغربي، بكل مكوناته ومشاربه، ليعقد آمالا كبيرة على ما يبذله المنتظم الدولي سواء الأوربي أو الإفريقي وكذلك الأمريكي من مجهودات لوضع حد لكل الخروقات المعرقلة لتحقيق هذا الحل السياسي الناجع، خصوصا وقد تم الاعتراف الرسمي للمغرب بصحرائيته بدءا بالولايات المتحدة الأمريكية ومرورا بالدول الإفريقية التي اقتنعت بأن استقرار الوضع بالصحراء المغربية يحقق الأمن والأمان والازدهار الاقتصادي في المنطقة. ولذا سعى المنتظم الدولي إلى العمل على إقناع الأطراف الأخرى باغتنام إمكانية السلم التي تتيحها هذه المبادرة، والآفاق الواعدة التي تفتحها، من أجل مستقبل أفضل.

بقلم حميد عسلاوي

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email