الوطنية بريس

الطاهر بن عبد الله هو فنان يمارس فن السماع و الأندلس مند 8 سنوات، حيث اختار ابن مدينة فاس هدا النوع من الفن لإيصال رسائله ، قاده شغفه بالطرب الأندلسي للمشاركة في عدة لقاءات ومهرجانات حاول فيها تطبيق ما تعلمه على يد الحاج محمد بنيس ، من مديح وسماع.
يتحدث الطاهر بن عبد الله، عن بداياته لجريدة الوطنية بريس فيقول( كنت مع سي محمد بريول في المعهد الشفشاوني، حيث قضيت خمسة سنوات… الرجل لم يتوانى عن تعليمنا و مدنا بكل النصائح التي يمكن أن تفيدنا في مسارنا المهني كفنانين عازمين على شق طريقنا في السماع والمديح).
عن سؤال الجريدة حول جديده الفني يقول الفنان الطاهر(هناك جديد على مستوى شهر رمضان، كما أنني سبقت أن لحنت أغنية لمدينة فاس معنون ب(حنا كمدينة فاس) ، حيث لاقت اسحتسانا من لدن الفاسيين اللدين أشادوا بالأغنية) .
موسيقى المديح والسماع في المغرب
وترجع بدايات ظهور فنون السماع بالمغرب إلى منتصف القرن السابع للهجرة لتشهد تطورا كبيرا في عهد الدولة المرينية ثم الوطاسية والسعدية وصولا إلى الأسرة العلوية. وارتبط هذا التطور بترسيخ تقليد الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي، التي دأب ملوك المغرب على رعاية إحياء أمسياتها بحضور مجموعات للمنشدين، قبل أن يتسع نطاقه إلى الفضاءات العائلية والزوايا.
وإن كان التقليد السماعي الأصيل يعتمد نغميا على الطبوع الأندلسية المغربية اعتمادا كليا دون مصاحبة آلات موسيقية، فإن بعض المجموعات العصرية نحت إلى إدخال آلات عصرية في مرافقة الإنشاد الصوتي. وقد برع المغاربة في أداء أمهات القصائد الصوفية من قبيل البردة والهمزية للبوصيري، والألفية لابن رشد البغدادي، والمنفرجة لابن النحوي وغيرها.
ويتوقف الكثير من المختصين في تاريخ الفنون العريقة بالمغرب عند الدور الذي اضطلعت به فنون السماع والمديح النبوي في الحفاظ على الموسيقى الأندلسية، التي يمتد عمرها قرونا طويلة، خصوصا خلال الفترات التاريخية التي عرفت نوعا من التشدد الديني ضد الممارسة الموسيقية، حيث ظل الباب مفتوحا أمام الإنشاد الديني في الزوايا، وهو ما ساهم في حفظ الطبوع والإيقاعات التي عبرت من الأندلس إلى جنوب الضفة المتوسطية..
فن المديح والسماع موروث حضاري إسلامي يزيد عمره على أزيد من 14 قرنا، وسفر روحاني وتأثير فني وجداني على كل مريد سالك، ظهر في عهد الرسول الكريم، واستمر وتطور وتوسع منتقلا من جيل إلى جيل حتى صار إحدى وسائل تسامي الروح وعوامل تهذيبها لتأثيره الفني والوجداني على كل مريد سالك.

الأصل في المديح والسماع ما يدل على عموم الغناء والموسيقى، ويؤدى بأن ينشد فرد أو أكثر قصيدة لشيخ من مشايخ التصوف بأصوات تترنح لها الأسماع وتتمايل لها الأجساد، وينتهي كل مقطع برد جماعي من المريدين سواء بالتهليل أو بالصلاة على النبي المصطفى، بينما يستمر المنشد في تغيير الألحان من حين لآخر. وبدايات فن السماع والمديح بالمغرب تعود إلى منتصف القرن السابع للهجرة عندما استحدثت أسرة العازفين، التي كان رجالاتها من أعلام مدينة فاس ورؤسائها، عادة الاحتفال بالمولد النبوي، وسرعان ما انتقل هذا الاحتفال إلى الأوساط الشعبية فكانت تقام الحفلات في الزوايا وحتى في المنازل، ويتم فيها التغني بالقصائد والمولديات والمقطعات الشعرية المديحية. وفي هذه المجالس الروحانية يتناشد المسمعون بأصواتهم، هذه القصائد والمقطعات والقدود، على أساس الأنغام و”الطبوع” المتداولة في الموسيقى الأندلسية وذلك دون مصاحبة آلية، فتصغي “الآذان عند ذلك بحسن الاستماع إلى محاسن السماع”.على أن طبع “رمل الماية” يبقى، حسب البعض، “أفضل هذه الطبوع وأكثرها استعمالا لكونه أقدر على استجلاء معاني التعظيم والجلال التي تليق بشخص الرسول الأعظم”.

وعموما، إذا كانت فنون الموسيقى تتجسد في وحدة العناصر فإن الموسيقى الدينية تبقى محملة بأساليب أدائها وتقاليد مرتبطة بالمراسيم والمناسبات الدينية التي تنشد فيها وفق جملة من المواصفات تحدد ما هو موسيقى الصوفية، وموسيقى الآذان وترتيل القرآن، وفن السماع والمديح، الذي ازدهر بالمغرب بفضل الزوايا التي حافظت على تقاليده وأضافت عليه موازين معينة، وأفضى ذلك إلى انبثاق أنساق خاصة بكل منطقة، وتم الاعتناء بالموارد.
موسيقى المديح والسماع وشهر رمضان في المغرب
باقتراب شهر رمضان يجدد المغاربة موعدهم مع مسالك روحية وطقوس عريقة توثق علاقتهم بهذا الشهر الكريم، ومن جملتها أمسيات السماع الصوفي والمديح النبوي التي يتم إحياؤها عبر ربوع البلاد في إطار مهرجانات وحفلات برعاية مؤسسات دينية ومدنية، رسمية وشعبية.
ويشكل السماع والمديح جانبا هاما من التراث الموسيقي والغنائي الزاخر الذي تميز المغاربة بالمحافظة عليه وتوارثه عبر الأجيال المتعاقبة منذ قرون خلت، وهو ما يرجع لقوة وتجذر المؤسسات الحاضنة للعمل الديني في المجتمع المغربي، من زوايا ومساجد وجمعيات، فضلا عن التشجيع الذي لقيه هذا النشاط الفني من قبل السلطات الرسمية منذ القدم.
كما يعكس صمود هذا الفن التراثي أمام تدفق الموجات الموسيقية الشرقية والغربية وانفتاح الشباب المغربي الواسع على صنوف الإبداع الجديد ثقل المرجعية الصوفية في بلاد طالما وصفت بأنها أرض الزوايا والأولياء، وصدرت نخبة من أبرزهم إلى الشرق العربي -وخصوصا مصر- من أمثال الشيخ أحمد البدوي والمرسي أبو العباس والحسن الشاذلي وغيرهم.
وتتخذ فنون السماع والمديح طابعا شعبيا في الفضاءات القروية والهامشية التي تنبع من متون شعرية عامية بسيطة وإيقاعات موسيقية غير مركبة، بينما تكتسي طابعا فنيا نخبويا لا سيما في أحضان الجمعيات المختصة والفرق المنظمة التي تشتغل على عيون التراث الشعري الصوفي المحلي والعربي والكوني.
كما وظف قوالب وإيقاعات موسيقية حديثة، على غرار التجارب التي تنتشر بأهم المدن المغربية ذات الثقل التاريخي والإشعاع الروحي من قبيل مدن فاس وطنجة وتطوان وسلا ومكناس..

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email