الوطنية بريس
تعتبر مدينة مكناس من أحسن مناطق المغرب إنتاجية للمحاصيل الزراعية، نظرا لمناخها المناسب ووفرة الموارد المائية وجودة الأراضي، إضافة إلى قدم الاستغلال وتراكم التجارب في الضيعات الفلاحية الكبرى، التي يرجع تاريخ تنظيمها وبدء استغلالها العصري إلى فترة الحماية الفرنسية.
فالعاصمة الإسماعيلية تمثل 45.5% من حجم الإنتاج الصناعي لجهة فاس مكناس. كما تعد الصناعات الغذائية والفلاحية أهم نشاط صناعي للمدينة خصوصا على مستوى عصر وإنتاج الزيوت، حيث توجد 66 وحدة صناعية و 183 معصرة للزيوت، حسب إحصائيات 2016، بقدرة مخصصة للسحق تبلغ 74 ألف طن سنويا.
كل هذه المؤهلات تواجه تهديدا مباشرة من طرف سماسرة العقار و”مدمني المشاريع الإسمنتية”، حيث اصبح المجال الأخضر والأراضي الفلاحية التي تميز العاصمة الإسماعلية على عدد كبير من المدن المغربية، مجالا خصبا لشركات الاستثمار العقارية قصد تشييد مشاريع سكنية يكون الهدف الاساسي منها هو الربح المادي ولو كان ذلك على حساب جمالية المدينة و مجالها الأخضر المنفرد.
جريدة “الوطنية بريس” عاينت عن قرب عدد من المشاريع السكنية التي تم انشائها من طرف شركات خاصة على حساب مجالات خضراء كانت في السابق تعد متنفسا للساكنة المكناسية ، حيث وُضع الربح المادي في المرتبة الأولى، في حين جاء المجال الأخضر والأراضي الفلاحية في المرتبة الثانية رغم أنها تعد العمود الفقري لاقتصاد المدينة .
إن معظلة التوسع العمراني على حساب المجال الأخضر والأراضي الفلاحية القابلة للزراعة لا تعاني منها مدينة مكناس فحسب بل مختلف المدن المغربية التي تتمتع بهذه الخاصية أو لنقل كانت تتمتع بهذه الخاصية وهنا نذكر بدارسة تم نشرها على شبكة الأنترنيت، حيث تبين إشكالية التوسع العمراني بمدينة الناظور كنموذج باعتبارها مدينة متميزة في سرعة النمو الحضري مجاليا وديمغرافيا، حيث عرفت توسعا سريعا وشاذا منذ عشرينات القرن الماضي وصولا إلى الفترة الراهنة.
الدراسة توصلت إلى تكميم مساحات التوسع العمراني خلال الألفية الثالثة إذ عرف الامتداد الحضري ذروته، كما أوضّحت المقاربة الجغرافية أن هذا التوسع كان عشوائيا على حساب الأراضي الفلاحية ، فضلا عن اجتياح المجال المبني للمجالات الغابوية، هذا النوع من التوسع أثّر في النسيج العمراني للمدينة وثمّن العشوائية على حساب التنظيم.
وتنتشر ظاهرة الزحف العمراني على المناطق الخضراء والأراضي الزراعية في مناطق عديدة من المغرب مثل الدار البيضاء ومراكش وغيرهما، تقابلها احتجاجات الجمعيات المدنية، وكان آخرها احتجاج بمدينة طنجة ضد محاولة تحويل حديقة عمومية إلى ورشة عقارية.
الجذير بالذكر هنا أن النقابة الوطنية للفلاحين أثناء تخليدها لليوم العالمي لنضالات المزارعين ، قد أعلنت تضامنها مع المزارعين ضحايا “مافيا” العقار في مختلف مناطق البلاد، واستنكارها تواطؤ السلطات العمومية مع ناهبي الأراضي الفلاحية، محملة مسؤولية حمايتها للدولة.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email