بقلم : عبدالسلام العزوزي

من قلب الجزائر العاصمة فتك الدبلوماسي الأمريكي رفيع المستوى ب”بالون” الكيان الوهمي للنظام الجزائري الذي نفخ فيه على مدى حوالي نصف قرن بمخيمات الرابوني ، وأوهم العالم بأن تقرير مصير هذا الكيان هو نهاية أللاستقرار في الصحراء وفي منطقة شمال إفريقيا، وأن اقتطاع جزئ من التراب المغربي بأقاليمه الجنوبية الصحراوية هو الحل الوحيد ليتمكن النظام الجزائري من أن يبلل قدميه بمياه المحيط الأطلسي، بعدما تمدد على جزء من الصحراء الشرقية التي سلمها له المستعمر الفرنسي نكاية في المغرب الذي ضحى بأرواح الشهداء من أبنائه البررة دفاعا عن استقلال الجزائر الشقيقة، ليغتصبها بدون واجب حق من كانت دور المغاربة تأويهم وتٌكَونُهم وتَمُدُّهُم بِزاد المعركة ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، و ما تزال تحكي دور وجبال ومدن أحفير وبركان ووجدة والناضور وغيرها من مدن المملكة المغربية، حقائق دعم غير مشروط لمن ائتمنهم المغرب على الشعب الجزائري قبل ائتمانه إياهم على حدوده مع جارته الشرقية.

وأمام صناع القرار بقصر المرادية، أعلنها صراحة “ديفيد شينكر”، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو يؤكد في لقاء له مع وزير الخارجية الجزائري يومي 6و7 يناير الجاري، أن “الولايات المتحدة الأمريكية، تعتقد أن المفاوضات بين المغرب والبوليساريو هي الحل الوحيد في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”؛ وأن “ما قامت به أمريكا عند اعترافها بمغربية الصحراء، يعتبر مقاربة جريئة للتوصل إلى حل للمشكل”.

ومباشرة بعد هذا التصريح الذي لم تستسغه الدولة الجزائرية، ولم تستطيع أن تبتلعه الصحافة الجزائرية التي حاولت أن تلف حول التصريح باستخدام صيغ متعددة وملتوية في تناول مضمون تصريح الدبلوماسي الأمريكي الذي كان بمثابة الصفعة المدوية في وجه النظام الجزائري الذي لم يفهم رسالة الولايات المتحدة الأمريكية بعد. طار الدبلوماسي الأمريكي “ديفيد شينكر”، يوم(السبت 9يناير 2021)، إلى عاصمة الصحراء المغربية، مدينة عيون الساقية الحمراء، التي يحط فيها ولأول مرة دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى قدميه، ويتجول بالمدينة ويطلع على المستوى الحضاري المتقدم لحاضرة الصحراء المغربية، وأهمية الأوراش المفتوحة التي ستدفع بالمدينة إلى واجهة المدن الحضارية العالمية بكل المواصفات المعمارية المعاصرة التي ستجعل منها منصة اقتصادية وتجارية دولية في تجاه الشمال نحو القارة العجوز، كما في تجاه الجنوب نحو القارة الافريقية في المستقبل القريب.

زيارة “شينكر”، إلى مدينة العيون 9يناير ومدينة الداخلة 10يناير الجاري ، حيث دشن إلى جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة بمدينة الداخلة قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية بعد شهر عن إعلان البيت الأبيض عن اعترافه بمغربية الصحراء. زيارة وصفها السفير الأميركي في الرباط “دايفيد.ت.فيشر “، بأنها “تاريخية”. نظرا لحمولة نتائجها السياسية والاقتصادية على أقاليمنا الجنوبية وعلى منطقة شمال افريقيا والساحل والصحراء أيضا. بعد إعلان”آدم بولر” الرئيس المدير العام لمؤسسة تمويل التنمية الدولية DFC الذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي لمبادرة “ازدهار إفريقيا” ،Prosper Africa عن تعزيز دور المغرب كقطب اقتصادي بالقارة الإفريقية. من خلال رصد مبلغ 5 ملايير دولار من الاستثمارات بالصحراء المغربية وباقي ربوع المملكة. وبذلك تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد عزمت دعم المغرب بمليار دولار من المبادلات التجارية في كلا الاتجاهين وصفقات استثمارية ما بين الولايات المتحدة والمغرب، إضافة إلى بلدان أخرى من شمال إفريقيا، خلال الأربع سنوات المقبلة.

إضافة إلى استثمار مبلغ 3ملايير دولار تمولها مؤسسة تمويل التنمية الدولية DFC ، خلال فترة الأربع سنوات المقبلة، من أجل تمويل مشاريع بالمغرب واستثمارات مشتركة مع شركاء مغاربة لتنفيذ مشاريع بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء. وستسمح هذه التطورات بالمضي قدما نحو زيادة حجم المبادلات التجارية والاستثمار ما بين الولايات المتحدة والمغرب وباقي دول شمال إفريقيا.

ومن خلال مبادرة “ازدهار إفريقيا”، تلتزم الحكومة الأمريكية بمساعدة المقاولات الأمريكية والمستثمرين الأمريكيين على الولوج للأسواق بمنطقة شمال إفريقيا ودعم المقاولات بدول هذه المنطقة للحصول على فرص جديدة بالولايات المتحدة الأمريكية.

أمام هذه الرزنامة من المشاريع الاقتصادية المزمع تنفيذها بالأقاليم الجنوبية، سواء التي تعتزم إقامتها الولايات المتحدة الأمريكية، أو باقي الدول العربية والافريقية والغربية والأسيوية، تأكيدا على أهمية الانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب، بعد فهم صناع القرار في المنتظم الدولي، حقيقة الصراع بين الجزائر والمغرب لا يسع النظام الجزائري إلا أن يعترف بخطئه ويفكر بجدية في إنهاء هذا الصراع الإقليمي “المزيف”، خدمة لملصحة بلاده ومصلحة الشعب الجزائري الشقيق، ومصلحة باقي دول منطقة المغرب الكبير، عوض أن ينهج سياسة التمادي في أكذوبته بتقرير مصير “بالون” الكيان الوهمي الذي انتفخت دَمَامِيله وتكاد تنفجر قيحا، لن يشرب من علقمه سوى من صنع هذا “وهم البوليساريو” وصدقه، والذي أركن، هذا النزاع، المنطقة برمتها في التخلف والتقهقر، بعد التمادي في إغلاق الحدود من طرف النظام الجزائري على مدى أزيد من ربع قرن من تفريق للأسر المغربية الجزائرية التي تربطها صلة المصاهرة والقرابة.

ففي الوقت الذي تواصل المملكة تأهيل الصحراء المغربية بفتح آفاق أرحب لاستثمارات عديدة ومهمة ومتنوعة، وتواصل فتح قنصليات دولية أخرى، بعد توجيه قمة “العلا” لمجلس التعاون الخليجي إلى تكثيف الجهود لتنفيذ خطط العمل المشترك التي تم الاتفاق عليها في إطار الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المغربية. مع تأكيد بيان القمة على مواقف دول الخليج وقراراتها الثابتة في دعم سيادة المغرب ووحدة أراضيه.

لاترى الجزائر مانعا في أن تدير ظهرها لكل ما يجري في الصحراء المغربية، وتجيش أحزابها وإعلامها لرص الجبهة الداخلية، رصدا لعدو “هلامي”مرتقب على حدودها، وتهرول إلى داعمها الأساس والفاقد لكل تأثير في صناعة القرار الدولي، جنوب إفريقيا، بداية هذا الأسبوع، ، تلتمس منها التنسيق لدعم جبهة البوليساريو، ليحق فيهما القول الشهير “تشبث غريق بغريق”.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email