اثارت لائحة الدعم الفني التي نشرتها وزارة الثقافة والشباب والرياضة، غضبا كبيرا في الأوساط المغربية، وذلك بعد المبالغ المالية المهمة المرصود لدعم الفنانين والذي بلغت قيمتها الإجمالية مليار و400 درهم.
استياء المغاربة الذي عم الفنانين أنفسهم لم يكن مرده الدعم في حد ذاته بل قيمته والاسماء المستفيدة منه بشكل خاصة ، حيث تناسلت تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي بين متخصصين وعامة الناس حول المعايير التي اعتمدتها وزارة  الثقافة في صرف هذا الدعم.
جدل كبير إذن رافق حصول عدد من الفنانين على دعم الوزارة  بين من يسأل عن معايير اختيار الملفات التي تستحق الدعم ومن يستغرب  للمبالغ المهمة المرصودة  لكل فنان ظهر اسمه في اللائحة بل إن هناك من ذهب إلى حد القول بأن أشخاصا حصلوا على الدعم وهم بعيدين كل البعد عن المجال الفني .
في هذا السياق   ظهرت الفنان المغربية لطيفة رأفت في مقطع فيديو نشرته على حسابها الرسمي أنستغرام  عبرت فيه عن استيائها من الطريقة التي تم بها توزيع الدعم حيث كشفت استفادة أشخاص لا علاقة لهم بالمجال الفني، مبرزة أن شركة للبناء قد استفادت من الدعم، كما طالبت وزير الثقافة بالتأكد من أسماء وصفات الاشخاص المستفيدين وعما اذا كانت شركات الانتاج التي حصلت على الدعم تقوم فعلا بالإنتاج الفني وإذا كان الفنانون المستفيدون يشتغلون بدورهم في القطاع الفني ويستحقون الدعم الذي تقدم لهم.

بدروه  نشر  مغني الراب المغربي عمر السهيلي الملقب ب”ديزي دروس” تدوينة، يتحدث فيها عن الدعم الذي تصدره وزارة الثقافة للفنانين منذ سنة 2008 والمقدر بملايير  السنتيمات دون متابعة إنتاجاتهم الفنية والموسيقية، مطالبا في نفس الوقت بالكشف عن المشاريع الموسيقية التي أنتجها هؤلاء الفنانون الذين استفادوا من الدعم المالي للدولة لسنوات مضت.
وفي خضم هذا الجدال وتفاعلا منهما مع موجة الغضب التي عرفها موضوع الدعم  قرر كل من سعيد مسكر ونعمان لحلو التنازل عن حصة الدعم المخصصة لهما شاكرين بذلك الوزارة على ثقتها في مشروعهما الفني الذي قام كل واحد منهما بتقديمهم.
وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس، والذي وجهت له انتقادات لاذغة تهم توزيع الدعم خرج بتدوينة فاسيبوكية على حسابه الشخصي بالفايسبوك مقدما بعض التوضيحات بخصوص عملية الدعم الإستثنائي للفنون كما سماه ونحن في مقالنا هذا نورد معطيات التدوينة كما هي للأمانة، يقول الفردوس ”  تعتبر الشفافية من شروط العمل العمومي ويعتبر الولوج إلى المعلومة حقا مكفولا للمواطنين، وعلى هذا الأساس تم بشكل كامل نشر نتائج طلبات عروض مشاريع على موقع الوزارة لضمان الوضوح فيما يخص استعمال المال العام.

إن الضربة القوية التي تلقاها النشاط الثقافي من الجائحة، تركت الكثير من الفنانين بدون أي وجهة ولا أفق في الرعاية أو الاحتضان.

إن التدابير الأفقية التي تم إرساؤها بفضل صندوق كوفيد 19، مكنت، بالفعل، أكثر من 3700 من حاملي بطاقة الفنان (القديمة أو الجديدة) من الاستفادة من نظام التضامن كوفيد (راميد وغير المهيكل) أي بنسبة قبول بلغت 70%.

لكن حجم الأضرار التي لحقت القطاع الفني بسبب فيروس كورونا دفعت الوزارة إلى تعبئة الصندوق الوطني للعمل الثقافي لإطلاق طلبات عروض المشاريع الفنية كدعم استثنائي من خلال :

● التكييف المدرج في دفتر التحملات لمواجهة إكراهات منع التنقل والتجمعات، والتي لها تداعيات إدارية كان من الواجب استباقها.

● تضاعف عدد المشاريع المرشحة ثلاث مرات سنة 2020، حيث مرت من 327 سنة 2019 إلى 1096. كما أن عدد المشاريع المستفيدة عرف زيادة من 155 مشروع سنة 2019 إلى 459 مشروع سنة 2020، أي أنه تضاعف ثلاث مرات كذلك.

● الغلاف الكلي البالغ 37 مليون درهم عرف زيادة 30 % مقارنة بدعم 2019، رغم عدم بلوغه الرقم القياسي لسنة 2016 بغلاف 40 مليون درهم.

وقد أكد بوضوح دفتر التحملات المنشور في شهر يونيو 2020، على أولويتين للانتقاء بالنسبة للجان الثلاثة ( المسرح، الموسيقى، الفنون التشكيلية)، ويتعلق الأمر ب :

1- إيلاء أهمية خاصة للمشاريع التي يشارك فيها عدد مهم من حاملي بطاقة الفنان غير الموظفين : بمعدل عشر مستفيدين لكل مشروع موسيقي أو مسرحي، تكون نسبة 70% منهم حاملة لبطاقة الفنان )اضافة الى الفنانين الذين وضعوا طلباتهم للحصول على البطاقة حيث تم قبول وصل الإيداع كذلك( لكسب الأهلية للدعم، أي أن أزيد من 2400 حامل لبطاقة الفنان هم من سيستفيدون من 459 مشروع حاصل على دعم 2020.

2- إيلاء أهمية خاصة لحاملي المشاريع الذين لم يسبق لهم أن استفادوا من الدعم : أكثر من 80% من 459 حامل مشروع مدعم سنة 2020 لم يستفيدوا من دعم 2019″.
ننهي سجال الدعم المخصص للفن بتدوينة الوزير هذه وننهي معها مستوى  الحديث عن مبالغ مالية مهمة، نراها بعيدة كل البعد عن تلك التي نتحدث عنها في دعم المواطنين من عامة الشعب الذي تأثروا بدورهم من جائحة كورونا.
صحيح أن الدولة خصصت دعما استثنائيا لمساعدة المتضررين من الجائحة، الذين توقفوا عن ممارسة أنشطة يسدون بها رمق عيشهم لكن وجب التذكير أن الدعم الذي توصل به المعنييون لا يتجاوز 2000 درهم في أحسن الأحوال  فأين  هو من 16 مليون التي تنازل عنها الفنان نعمان لحلو؟؟ طبعا دون الحديث عن مواطنين أجرهم هزيل والجائحة أرغمتهم عن التوقف عن العمل ومعا ذلك لم يتوصلوا بأي دعم رغم محاولاتهم المتكررة في طلبه.
هذا فقط مثال وما خفي أعظم، ذلك أن الجائحة عرت بحق مستويات أخرى من تفوق  مواطني المركز عن أولائك الذين يقطنون في الهامش تماما كما  زاد دعم الفنانين من تعرية الواقع .

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email