بلاغ الخيارين كلاهما مر…..
مقال رأي: بقلم إيمان الحفيان
عن أي تعليم نتحدث و عن أي نموذج تعليمي مستقبلي نريده و نتمناه و نطمح إليه لأبناء هذا الجيل، ما أصبحنا نشاهده و نعايشه في الآونة الأخيرة و الذي يتعلق بالمنظومة التعليمية، و المستوى التعليمي الذي يتدنى بعد مرور السنوات، ما هو ملاحظ أن الكل يشتكي و يلقي اللوم على الآخر الآباء يتذمرون و يلقون اللوم على الأساتذة و على خطة وزارة التعليم التي أدخلت تعديلات كثيرة على المنظومة على أمل أن تتحسن جودة التعليم المغربي إلا أن أصابع الاتهام لم تسلم منها الحكومة المغربية بصفة عامة و وزارة التعليم بصفة خاصة التي هي الأخرى و حسب رواد مواقع التواصل الاجتماعي علقوا على أن قراراتها أصبحت ارتجالية و خاصة بالموازاة مع فترة خروج قرار أساتذة التعليم بالتعاقد و الاتجاه نحو الخوصصة و الضرب بأسس التعليم العمومي و دعم التعليم الخصوصي على الرغم من السلبيات التي يخلو منها البتة و نقاط التلامذة المشكوك بها و بصحتها على الرغم من سمعة جيدة وصم بها التعليم الخصوصي باعتباره تعليما قائما على أبجديات التعليم الفرانكفوني و كما أنه اتسم بالتعليم المنظم و الراقي المائل للانفتاح على الثقافات الأجنبية بالخصوص و نشر أفكار و قيم “متحررة” بتحفظ و لطالما كانت الفوارق واضحة بين تلامذة التعليم الخصوصي و التعليم العمومي و الكل يعلي من قيمة تعليم عن آخر و يتم التعييب و التشكيك في جدارة و أفق النوعين من التعليم و لكن لا يخفى علينا أن الغالبية تشكر و تفتخر بتخرج أبناء الشعب من مدارس عمومية و اعتلوا مناصب مشرفة عن جدارة و استحقاق بناء على كفاءاتهم….
o بلاغ جدل التعليم قربعد ….
أثار بلاغ وزير التعليم و التربية الوطنية و البحث العالي و الناطق الرسمي باسم الحكومة سعيد أمزازي جدلا واسعا بين غالبية المغاربة وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن سخط جماعي مكثف لما جاءت به مضامين البلاغ، بحيث أن الفكرتين اللتان طرحتا اختيار أحدهما يبقى الخيار مرا ففي كلتا الحالتين ستضيع الاستفادة العلمية و ستتضرر جيوب آباء التلامذة في كلا قطاعي التعليم و بجميع أسلاكه و فروعه و خاصة و في ظل أزمة كورونا يبقى اختيار إرسال التلميذ للمدرسة يطرح إشكال الاكتظاظ بحيث توجد فئة تميل للخيار الأول، من خلال اعتبارها أن عملية التعليم عن بعد كانت فاشلة بكل المقاييس و الطرح الثاني ينحاز لعدم إرسال الأبناء للمدارس تجنبا لإصابة أبناءهم لا قدر الله من خلال ارتفاع الحالات المؤكدة بشكل يومي بمختلف جهات المملكة المغربية، و هنا يبقى هاجس الإصابة بالفيروس يطارد آباء و أمهات التلاميذ المغاربة و وضعهم في حيرة من أمرهم بتجنبهم أن تبرز ما يسمى ببؤر تعليمية فهنا هي حرب كل من رجال و نساء التعليم و التلامذة و التلميذات و حرب الآباء مع مصاريف التمدرس و أداء رسوم وواجبات التدريس و خاصة المدارس الخصوصية التي لا يمكنها أن تتنازل عن حقوقها مقابل تقديم دروس عن بعد و إذا بها تبقى مهددة بإغلاق أبوابها و خسارتها و إلى جانب ذلك ما سيواجهه أساتذة التعليم العمومي عبروا بصريح العبارة عن معاناة عدم مواكبة التلامذة للدروس عن بعد و تغيب الكثيرين عن حصصهم و هنا يطرح السؤال هل للتلميذ رغبة في مواكبة الدراسة سواء عن قرب أو عن بعد بغض النظر عن شحن التعبئة للتواصل و إرهاق جيوب الآباء فبدل التعليم الحميمي الذي يخلقه التلميذ مع كتابه يعوضه بالتعليم الالكتروني و اللجوء للتقنية الحديثة لمواكبة مستجدات التعليم….

خيار تأجيل الدخول المدرسي….
حاولت الاستماع لعينة من المجتمع في استطلاع أجريته بمدينة طنجة فيما يخص هذا البلاغ المثير للجدل حسب ما لامسته حين إصدار البلاغ، و الكلمة التي استوقفتني من لدن ساكنة مدينة طنجة :” إنه قرار جائر و لا بد أن يتم إعادة النظر في الكيفية التي يتم بها إصدار القارات التي تكون فجائية هكذا…. و كفى من التخبط و العشوائية داخل حكومة اعترفت أن ليس لديها رؤية في إحدى التصريحات الصحفية….” و اقترح الغالبية بتأجيل الدخول المدرسي لحين استقرار الحالة الوبائية بالمغرب و يظل اقتراحا موجها للوزارة المعنية لوضعه بعين الاعتبار و اختيار الأنسب للطرفين…..
ما يبدو واضحا ومنذ تنصيب الحكومة الجديدة حكومة “العثماني” غياب سياسة تواصلية بين الشعب و حكومة البلد والوزارات الوصية على مختلف القطاعات المهمة ببلد المغرب، و معظم النقابات كانت تطالب في بلاغاتها بتفعيل سياسة حوار جادة لفهم مشاكل المواطنين و محاولة فك شفرات تلك العراقيل التي تتسبب في الإحساس باللاانتماء و نكران الذات و جهل الهوية و ما نسمعه مؤخرا من شباب اليوم و حتى جيل التسعينات و الجيل الذي عاش الفترتين فترة الاستعمار و الاستقلال الوصف السائد للحزمة المغربية ب”حكومة الخزي و العار”، بحيث أن الشعب المغربي بمختلف مكوناته كان متأملا أن تتغير السياسة المغربية للدفع بعجلة الاقتصاد جنبا إلى جنب العجلة الاجتماعية و السيكولوجية لأبناء هذا الوطن، إلا أنه و من الملاحظ أنه ما وقع هو العكس تماما و ارتفعت حالات الانتحار، و تفاقمت أعداد الوفيات بالأمراض المزمنة نظرا لتدهور القطاع الصحي و لكي نبقى في صلب الموضوع لم يسلم قطاع التعليم من تداعيات سوء التدبير المشترك بين المواطن و صناع القرارات بكونها مسؤولية ما نحن عليه الآن مسؤولية مشتركية بحيث أن التعليم عن بعد قد يكون ألية ناجعة بدول أخرى أكثر انفتاحا و رغبة في تشرب العلم و في ظروف اقتصادية أحسن مما هو عليه المولطن المغربي، بحيث أن كل المؤشرات و الإحصائيات تؤكد على خلل في الكفة الاقتصادية الطبقية و انتصار الطبقتين الكادحة و المتوسطة مقابل الطبقات الغنية و الفاحشة الثرى….؟؟؟
و إن أشرنا إلى معدل الأمية الذي ارتفع بالعالم القروي نظرا للعقلية و الإمكانات هناك مما لا شك فيه و مع تداعيات الأزمة الصحية السلبية على العالم بأسره، فلن يتمكن المواطن القروي بالمقارنة مع أبناء المدينة من مواكبة و تفعيل عملية التعليم عن بعد ، بكون أن المدينة بدورها اعترفت بعدم كفاءة هذه الخطة البديلة و هذا يبقى مرتبطا بمدى تقبل الناس و مرونتهم بتقبل واقع جديد و التعايش معه كي تمر الجائحة العالمية بأقل أضرار ممكنة، فالعيب كل العيب الذي تعرى مليا هو الجهل المركب و غياب رأسمال الوعي بعيدا عن الرأسمال الثقافي الأكاديمي المهيكل، و هذا ما تبين لنا و على الرغم من الجانب التحسيسي و التوعوي التي تكلفت بها جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام و السلطات و رجال الأمن إلا أن المشهد بالشارع و في فترة الحجر الصحي كشف عن مدى عناد و تجبر بعض الساكنة و الأنانية و الجشع أيضا على الرغم من الإعانات الموزعة و نشر العمل التضامني و وقفة المغاربة في أزمة ذات انعكاسات نفسية و اقتصادية و علائقية…..
و يظل الإشكال المعلق الذي سأسطر عليه بالخط الأحمر العريض كيف لن أن نقارن مستوى تعليم المغاربة اليوم في ظل مستجدات العصر و أزمة وبائية زادت الطين بلة، و أين تكم جودة التعليم و ما الفرق إن كان حضوريا أم إلكتورنيا؟ و هل التعليم يرتبط برغبة المتعلم أم بجيب الأسر أم أنه وثيق بقرار وزارة التعليم و طريقة تلقين المعلم؟؟؟ و تظل الإشكالات مطروحة لا جواب قاطع لها، والواقع المعاش لوحده كفيل أن يجيب إجابات تظل مفترضة فقط غير قابلة للحتمية، و بالتالي ماذا ستختار الأسر المغربية و في ظل الظروف الصعبة التي تمر منها بلدنا كغيرها من بلدان العالم هل تعليم حضوري و إجراءات كشف و تحليلات و التزام بشروط وقائية لتجتب الإصابة بفيروس كورونا أم الاكتفاء بالبقاء بالبيوت و توجيه الأبناء و إلزامهم بمتابعة دروسهم عن بعد مع أساتذتهم ؟

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email