إن أول ما يصادفه المسافرون بمجرد وصولهم إلى محطتي القطار بمدينة مكناس هي تلك الفوضى العارمة التي يخلقها سائقوا سيارات الأجرة الصغيرة، وهي تتخذ مظاهر وأشكال مختلفة  ينصب جلها  في خانة العوامل المهددة لراحة وأمن المسافر عندما يحط  رحاله بالعاصمة الإسماعلية و يود التنقل إلى  وجهة ما.
تتوفر مدينة مكناس عموما على محطتين للقطار متمثلتين في محطة مكناس وهي ما يعرف عند العامة “المحطة لكبيرة”  و محطة الأمير عبد القادر  التي يتم تداولها باسم ” المحطة الصغيرة”، هذه الأخيرة تعاني بشكل كبير من فوضى سيارات الأجرة من الصنف الصغير بحكم  موقعها والظروف المحيط بها مقارنة بمحطة مكناس التي تعرف هي الأخرى نفس المشاكل لكن بدرجة أقل .
لا بأس لتوضيح الفكرة أكثر ولتقريب رسالة مقالنا هذا من قارئنا الكريم أن نعطي مثالا مفترضا لزيد القادم من مدينة الدار البيضاء على مثن القطار و يود أن يحط الرحال بمدينة مكناس،  لإبراز العوائق التي يمكن أن يجدها أمامه خاصة وأنه مجبر بعد خروجه من المحطة على التنقل بسيارة أجرة صغيرة  للنزول بأحد الفنادق .
سأل زيد أحد الأشخاص المجاورين له داخل القطار عن الفنادق التي يمكن النزول بها دون أن تتطلب مصاريف بالغة، فقدمت له نصيحة بالنزول في محطة القطار الأمير  عبد القادر باعتبارها الاقرب إلى مكان تواجد الفنادق بالمدينة الجديدة “حمرية” وفي حالة وجد الأثمنة باهظة فعليه بالتوجه إلى المدينة القديم صوب ساحة لهديم حيث توجد فنادق تعرض أثمانا في المتناول .
هكذا  قُدمت النصيحة  لزيد وبها فعل ….
بمجرد  نزول زيد من المحطة وخروجه من بابها تفاجئ بعدد كبير من سائقي سيارات الأجرة الصغيرة يتهافتون عليه وكأنه فريسة ينبغي الفوز بها.
سئل زيد: إلى أين ؟
أجاب: إلى أحد الفنادق؟
سئل مرة أخرى: هل أتيت منفردا ؟
أجاب: نعم ؟
“فأحس بمجرد إجابته أن حدة التهافت عليه زادت أضعافا مضاعفة”…
لنوقف قصة زيد هنا ولن نستجلي المغزى منها ..
إن تهافت سيارات الأجرة على الزبون لا يكون غالبا مؤطرا بقانون منافسة شريفة، حيث الفوضى التي تعرفها محطتي القطار بمكناس وخاصة محطة الأمير  عبد القادر  راجعة بالدرجة الأولى إلى نوايا ومنطق الربح الذي يسيطر على سائقي سيارات الأجرة ونحن هنا لا نعمم طبعا، لكن الأمر وللأسف  ينطبق على الغالبية العظمى منهم .
يتسارع سائقوا سيارات الأجرة المتواجدون على بوابة محطة القطار مولاي عبد الله بالانقضاض على زبنائهم  فتتناسل الأسئلة تلو الاخرى وكلها تطرح بمنطق ربحي محظ.
إلى أين ؟؟ المغزى منها هل المكان قريب أم بعيد فإذا كانت الوجهة قريبة فذاك عامل مساعد من أجل الحصول على  المال بأقل جهد ممكن أما إن كانت المسافة بعيدة والنقطة التي يود المسافر التنقل إليها تتطلب السياقة لمدة طويلة،  فحوار السائق مع زبونه ينتهي في حينه  إلى حدٍ قد يستغرب الزبون من سبب انتهاء المفاوضات قبل بدايتها ..
سائقو سيارات الأجرة الذين لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نعمم عليهم هذه الممارسات اللاأخلاقية لا يكتفون فقط بسؤال المكان بل  إن حمل الزبون يعتمد على معايير أخرى تصب كلها في خانة الربح السريع بأقل مجهود ممكن حيث يراعا كذلك ثقل الأمتعة  وعدد الزبناء وهل يشكلون أجرة واحدة أم أن كل واحد سيدفع له أجرته الخاصة به، فضلا عن التحايل في احتساب العداد، هذا طبعا دون إغفال  تلك الراحة النفسية التي يفقدها المسافر بمجرد دخوله في حوار مع أحد السائقين الجشعين.
وتبقى  الفوضى العارمة التي تخلقها سيارات الأجرة أمام محطة القطار الأمير عبد القادر نقطة سوداء  تتطلب  تدخلا عاجلا من طرف أعلى سلطة منظمة للقطاع والمتمثلة في وزارة التجهيز والنقل، حيث الأمر يستدعى توقيف  الممارسات  التي توضع فيها كرامة المواطنين على المحك.
وإذ نرى هنا  بأن وزارة التجهيز والنقل هي المعني الأول  بصد هذه الظاهرة فإن هذا لا يعني أن المسؤولية تقع على عاتقها وحدها بل إن الأمر يتطلب استحضار مقاربة شمولية تتوزع فيها المسؤوليات بين جميع القطاعات والجهات المعنية، من أمن وطني وجماعة محلية  بل وحتى السائقون  أنفسهم مطالبين بالانتظام  داخل الهيئات المهنية المؤطرة لهم وفرض عقوبات على السائقين المخالفين للضوابط المهنية والتي نقترح من بينها سحب رخصة الثقة من المتهاونين.
هذا طبعا إن أردنا لزيد وأمثاله أن يحطوا الرحال بمحطة الأمير عبد القادر وهم ينعمون براحة وطمأنينة نفسية  ودون أن يصابوا بفيروس سيارات الأجرة…

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email