بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،أكادير،غشت,2023

مقال(73).2023

قد أجزم انه من آخر سهرة للمبدع مارسيل خليفة ،لم يشهد الهواء الطلق جوا شاعريا حماسيا قمة في الإنسانية إلا بقدوم الشاب المهندس امين بودشار.

لم اتمكن من حضور السهرة ،وحرمت زوجتي وإبنتي من حضورها بسبب وعد لم يتحقق ،وبعد بحث بلا جدوى عن شراء تذكرة الدخول لا في السهرة الأولى ولا الثانية ، و يشهد الله اني حاولت بلا نتيجة لاكتشف بعد ذلك كل خيوط السهرة من بداية إقتراح تنظيمها الى ما تبعها من سهرات لاحقة ،

كان كل شيئ قريبا مني لكنني قوبلت بالجحود حتى في توفير التذكرة ناهيك عن البحث عن الدعوات vip التي وجهت لأسماء لم يكتب لي ان اكون منها.

هذا ليس موضوعنا ، دعونا لا ننبش في فوضى المطابخ ومركزين على روعة الاكل على الموائد ،وإن لم نحجز لنا مقعدا بها .

سهرات ليست ككل السهرات ، لا يهم من يقف على خشبة المسرح فقد إنقلبت الأدوار ، كما يحدث مع فرق لكرة القدم مثل الوداد والرجاء حين يكون إشعاع الجمهور اسمى من أداء الفرقة .

نساء قضين شهور الحجر الصحي وهن يغنين بالمطابخ مع الأغاني المذاعة بالمدياع ، نساء رهيفات ،أنيقات ،وجميلات ،فتيات وامهات ، ثلاثة أجيال تكاملت في مشهد يهز النفوس ،و بكل اللهجات المغربية و المصرية و الخليجية و اللبنانية ….

المحجبة الى جانب العارية الشعر يتمايلن في إنسجام ، ويغنين في إحترام و تعلو حناجرهن وهن يغنين بالكلمة واللحن ارقى الاغاني الخالدة لرواد الأغنية العربية .

هو جو أسري فيه كثير من الدفئ و كثير من الرومانسية ، ينتابك الشعور وانت تشاهد لقطات تلك السهرات وكأنك في ملكوت الطيف والوجد و التماهي .

وعندما تغنى أغنية وطنية و تلوح النساء بالاعلام الوطنية وتستمع الى الكلمات الخارجة من حناجرهن والنابعة من قلوبهن ينتابك شعور بعظمة هذا الوطن و روعة المغربي و المغربيات ، ملحمة فاقت ملاحم طالما كانت على مسارح البلاد في المناسبات الوطنية .

هذا بالنسبة لي كمشاهد ،اما من حضر وعاش تلك الاجواء فمؤكد ان الشعور سيختلف وسيزداد سموا .

كم هي جميلة تلك اللقطة التي يجلس فيها الابوين والى جانبهما إبتهما وهم يغنون جماعة بصوت واحد ،والاب يطل على هاتف ابنته ليقرأ كلمات اغنية لم يحفظها ،

إنهن لا يقمن بما يخدش الحياء و لا يغنين كلمات ساقطة ، ولا يقمن بما يمس تماسك المجتمع ، إنهن يقدمن صورة عكسية عن تجمعات ينظمها ويتحكم فيها الرجال تضعهن في أمكنة غير امكنتهن.

لقد ألفنا المرأة المغربية تجيش الى التجمعات الخطابية للسياسيين والمرشحين يهتفن بلا روح و يزغردن مقابل اجر ،

الفنا النساء مكدسات في شاحنات العاملات و منغمسات في طوب الضيعات ،او منحنيات على آلات معامل النسيج ،

ألفنا النساء على غير هذه الصورة ، لذلك نعتز و نتباهى بهن وهن مجتمعات في لحظات إنسانية رفيعة ،

نعتز بهم وهن متخرجات في حفلات التخرج في المؤسسات وباعلى الدرجات ،

ونعتز بهن حافظات للقرآن ، جالسات في مجالس العلم مرشدات وموجهات ،

ونعتز بهن على مقاعد فصول محاربة الأمية وهن يثابرن ويجتهدن لمحاربة الجهل ،

ونعتز بهن شريفات عفيفات محبات للحياة مقبلات على الطاعات يستقبلن الامل بوجوههن ويدرنها عن كل ما يسكنهن في قوقعة التحريم و التبخيس و التقليل من مكانتهن خارج سلطة الرجل .

وهن يرددن بشجن : سرقوه يامي وداوه ،حالي الله عالم بيه ،

هن لا يغنين ،هن يقلن للعالم ، المرأة يصدق عليها القول كما جاء في الاثر:

لا تكرهوا البنات، فإنهن المؤنسات الغاليات.

وفي الاثر ايضا:

ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم.

فهل تعتبرون ؟

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، على أمل أن القاكم في شهر شتنبر ،وساكتفي بنشر تغطيات لانشطتي.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email