إن المتأمل في تاريخ الأمم والمجتمعات وأحوال الشعوب والحضارات يجد أنها لم تكن لتستطيع أن تبني حضاراتها وثقافتها وتراثها وتشع بعلاقاتها مع بقية بلدان العالم إلا من خلال بلاد وأرض نمت وترعرعت فيها وتشربت مرها وحلوها، نعيمها وشقائها. فالأوطان هي التي تحفز على العطاء والإيداع والمرء يكون مسلوب الإرادة ضعيف القرار عندما يكون بلا وطن يؤويه وبلاد تحتويه، ولذلك فقد تعودت النفوس السليمة على حب بلادها واستقرت فطرتهم على الحنين والشوق للعودة إلى ديارهم، بل إن الطيور لتحن إلى أوكارها والبهائم لتحافظ على زرائبها، فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . إن حب الوطن والمحافظة عليه يعتبر مسؤولية الجميع بدون استثناء وللوطن حق على جميع أبنائه يتمثل بمسؤولية الدفاع عنه وحمايته من أي مخاطر تحدق به في أرضه وسمائه ومياهه، لأنه بالأمن يتحقق الاستقرار والتنمية والازدهار والتطور والنماء والرخاء لجميع أبنائه. إن أهمية حب الوطن تكمن ليس في أنه واجب وطني فحسب بل واجباً دينياً وشرعياً يتحتم على الجميع إدراك المسؤولية التي تقع على عاتقهم، والالتزام بالمبادئ الوطنية لسيادة وطنهم بالحفاظ عنه ودرء المخاطر التي تواجهه وتعصف به.إن لهذا الوطن حق على جميع أفراده ورجالاته في حق الدفاع عنه ولا يقتصر الأمر للدفاع عنه على أبناء المؤسسة العسكرية والأمنية فحسب، والتي تعتبر قلبه النابض وطاقاته المتفجرة، فهي الدرع المتين، والحارس الأمين لهذا الشعب ، وهي من تدفع فاتورة التضحية وتجود بالنفس في سبيله من كل معتد أثيم أو من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الوطن أو النيل من سيادته واستقلاله وكرامة أبنائه، في كل المواقع والثغور والجبهات التي تتواجد فيها، في الجبال، والوديان، والسهول، والصحاري، والمدن، والريف، والحضر، وعلى كل شبرٍ من ًأراضيه، مسخرين كل حياتهم فداءً ويقدمون أنفسهم رخيصة في سبيل الدفاع عن محراب الوطن. وبالموازاة مع حب الوطن يلزم الحفاظ أيضا على الثوابت الرسخة التي تعتبر الدعامام لكل دولة تسعى إلى التفوق الحضاري والتنمية المستدامة. فهناك خصوصيات يلزم التشبث بها وتكريسها والدفاع عنها. وبلدنا الحبيب والحمد لله سطر له صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده مجموعة من الثوابت المتعلقة بجانب الدين أو عالم السياسة. فلنكن عند حسن ظن جلالته ونجعل نصب أعيننا الحفاظ على هذه الثوابت والدفاع عنها حتى نستطيع التغلب على كل الصعاب الطبيعية أو البشرية.

بقلم حميد عسلاوي

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email