الزيتون في مكناس..العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والإقليمية

بقلم/ حميد عسلاوي

تشهد أسعار زيت الزيتون جدلا واسعا هذه الأيام لدى المغاربة منهم التجار والفلاحين المعنيين بزراعة وتسويق ها المنتوج الأساس في الأطباق المغربية. ونظرا لأن مكناس تقبل هذه الأيام على جني المحصول من الزيتون، ما يدفعنا إلى أن نتث ولو قليلا عن هذا المنتوج واسهامه في التنمية الاقتصادية ببلادنا.

تُعد مدينة مكناس والمناطق المحيطة بها من أبرز المناطق المنتجة للزيتون في المغرب، حيث يعتبر هذا المنتوج الزراعي كجزءٍ أساسي من هوية الإقليم الزراعية والثقافية، و تتميز المنطقة بمناخها المعتدل والتربة الخصبة، مما يجعلها بيئة مثالية لزراعة أشجار الزيتون التي أصبحت رمزاً للوفرة والجودة العالية في الإنتاج.

و تشهد زراعة الزيتون توسعاً ملحوظاً في إقليم مكناس، حيث تغطي أشجار الزيتون مساحات شاسعة تصل إلى عشرات الآلاف من الهكتارات. وتشير الإحصائيات إلى أن هذه المساحات تمثل نسبة هامة من الأراضي الزراعية المخصصة لهذه الزراعة على الصعيد الوطني. و يتميز الإقليم بزراعة أصناف متنوعة من الزيتون، أشهرها صنف “الحوزية” و”البشولين المغربي”، مما يعزز تنوع الإنتاج وتكيّفه مع متطلبات السوق المحلية والدولية.

و تُعتبر مكناس من بين الأقاليم الرائدة في إنتاج الزيتون بالمغرب، حيث تساهم بشكل كبير في الإنتاج الوطني. تتراوح الكميات المنتجة سنوياً ما بين 200,000 إلى 300,000 طن، بحسب الظروف المناخية وتقنيات الزراعة المعتمدة. وتُوجه هذه الكميات إلى عدة استعمالات، أهمها إنتاج زيت الزيتون ذي الجودة العالية، وكذلك الزيتون المعلب الذي يُصدَّر إلى الأسواق العالمية.

و يلعب قطاع الزيتون دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لإقليم مكناس. ومن أبرز مظاهر هذا الإسهام:

1. خلق فرص عمل: يشكل القطاع مصدر دخلٍ رئيسي لآلاف الأسر في الإقليم، سواء في مراحل الزراعة أو الحصاد أو التحويل الصناعي.

2. التنمية الصناعية: ساهم تطور زراعة الزيتون في إنشاء وحدات صناعية لتحويل الزيتون واستخلاص زيت الزيتون. هذه الصناعات المحلية توفر فرص تصديرٍ كبيرة، مما يدعم اقتصاد الإقليم.

3. الجاذبية الاستثمارية: جعلت جودة زيت الزيتون المكناسي من الإقليم وجهة مفضلة للاستثمارات الزراعية والصناعية، حيث تتنافس الشركات على إنشاء مشاريع لتحسين الإنتاجية وتعزيز العلامة التجارية المحلية.

4. التنمية البيئية: تساهم أشجار الزيتون في مكافحة التصحر والحفاظ على التوازن البيئي، مما يعزز الاستدامة الزراعية في المنطقة.

Advertisement

و تشهد زراعة الزيتون في مكناس تطوراً مستمراً بفضل مبادرات الدولة مثل مخطط المغرب الأخضر، الذي ركز على تحسين الممارسات الزراعية وتشجيع التقنيات الحديثة. كما تم توفير الدعم للفلاحين من خلال توفير الشتلات ذات الجودة العالية وإقامة دورات تدريبية لتحسين الإنتاجية.

و يُعتبر الزيتون في مكناس أكثر من مجرد منتوج زراعي، بل هو ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي وأحد رموز الهوية الثقافية للإقليم. ومع استمرار الجهود المبذولة لتحسين الإنتاج وتعزيز مكانته في الأسواق العالمية، يبقى قطاع الزيتون مصدراً للفخر ومفتاحاً للتنمية المستدامة في المنطقة.