بقلم/ حميد عسلاوي

انتهت قصة النظام الأساسي لرجال التعليم واختفت معه التظاهرات الشعبية الكبيرة التي نظمتها التنسيقيات التعليمية في مختلف مدن المملكة رافضة هذا النظام جملة وتفصيلا بمعية أولياء التلاميذ، ما شكل ضغطا قويا على الحكومة التي تفهمت خطورة الوضع وإفرازات هذه الأحداث ومدى انعكاساتها على الأمن والسلم الاجتماعي، فما كان إلا أن تراجعت عن قرارها بتنزيل هذا النظام الذي يرى فيه الأساتذه تضييقا وخنقا لمسارهم المهني وإدخال رجل التعليم في عنق الزجاجة، ما سينعكس سلبا على مردوده وجودة التعليم، وبالتالي ضياع التلاميذ وانحدار تجويد المدرسة المغربية وتخريج أفواج فارغة وشبابا غير مكتملي المعلومة التعلمية.

وهذا طبعا له أثره على مستقبل البلاد وتطورها خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي يمر منه المغرب في أفق الاستحقاقات العالمية مع تحدياتها التي تنتظر المغرب والتي تفرض عليه أن يكون في مستوى هذا التحدي، إن على المستوى المحلي أو القاري.

إن التعليم ركيزة اساسية لتخريج الكفاءات وكوادر الأمة التي تنهض بالبلاد، ولذلك فالاعتناء بها دليل على نضج الأمة، وضمانا لمستقبل زاهر لشبابنا وشاباتنا الذين طموحهم يفوق أحيانا رؤية صناع القرار، لذلك، فإن تراجع الحكومة عن قرارها كان صائبا إلى أبعد حد، وهو تعبير منها على حسن الإنصات إلى الشعب، خصوصا هذه الفئة الحيوية والنشيطة والضرورية، باعتبارها رئة تنفس المجتمع الضرورية ، وبدونها لا يمكن للدم أن يضخ بشكل متوازن وميسر في المجتمع وفي الادارات، لأنها الرئة التي تمد باقي شريان الأمة بأسباب الحياة والتطور والانضاج والتقدم.

إن الاهتمام بالموارد البشرية للتعليم حفاظا على كرامة الأسرة التعليمية ومعنوياتها وموقعها الاعتباري داخل المجتمع ، يحفز هؤلاء على العطاء والبحث والاجتهاد والابتكار، وبالتالي يقدمون عصارة اجتهادهم وعلومهم لأبنائنا الذين هم مستقبل الغد، هم بناة الأمة وتطورها وازدهارها.

ولذلك لابد من تحسين الوضعية المادية للأسرة التعليمية وإعادة لها ألقها وهبتها ومكانتها الاعتبارية المستحقة، فالعديد من الأمم المتقدمة الآن أول من اهتمت به هو التعليم نساء ورجالا، وبذلك حققت طفرة قوية في العلوم والفنون وفي الصناعات واصبحت تتربع على كرسي إدارة العالم.

فالمغرب حباه الله بأجيال لهم الرغبة والحب في التعليم والغوص في بحور العلم ما ييسر عليهم اتخاذ مواقع مشرفة في المنظومة التعليمية والتحديثية لبلدنا أيضا، ويكونون نبراسا للأجيال اللاحقة وقوة منيعة تحصن المعلومة والعلوم وتضمن صيانة الخصوصية المغربية بتراثه المادي واللامادي وتراثه الثقافي المتعدد الروافد ، حفاظا على حضارتنا الضاربة في عمق التاريخ.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سابقا

صحيفة إيفوارية: مخيمات تندوف قنبلة موقوتة تهدد أمن المنطقة الوطنية بريس كتبت صحيفة “لو موندا” الإيفوارية أن مخيمات تندوف في جنوب غرب الجزائر تشكل “مصدر توتر وقنبلة موقوتة” تهدد أمن المنطقة. وأكد كاتب المقال، الذي نشر اليوم الخميس تحت عنوان “منطقة الساحل والصحراء، التهديدات الإرهابية والإجرامية تنتشر”، أن هذه المنطقة تعاني أصلا من تحديات خطيرة، أبرزها الإرهاب الذي يتسبب في سقوط مئات الضحايا المدنيين في العديد من دول الساحل. وأضافت الصحيفة الإيفوارية، بحسب العديد من الخبراء الدوليين، أن مخيمات تندوف تعتبر بمثابة احتياطات لتجنيد الإرهابيين لمختلف التنظيمات الإرهابية النشيطة في هذه المنطقة، بمباركة وتواطؤ مدفوع الأجر من قادة “جبهة البوليساريو”. كما شددت الصحيفة على أن المسؤولين بـ “جبهة البوليساريو” يعملون تحت أوامر النظام العسكري لبلد يواصل تقديم كل الدعم السياسي والدبلوماسي والمالي والعسكري الضروري لهذا الكيان المزعوم. وأشار المصدر ذاته إلى أن “هذا البلد أهدر ما يقارب تريليون دولار (ألف مليار) على حساب شعبه لدعم هذه القضية الخاسرة مسبقا وإدامة خمسين سنة من المعاناة والألم الذي يتعرض له السكان المعزولون بمخيمات تندوف، في حرمانهم من أبسط الحقوق الأساسية في حرية التنقل أو التعبير والحياة الكريمة”. وذكرت الصحيفة أن المجتمع الدولي أدان هذا الوضع منذ عقود دون إجراء إحصاء دقيق لهؤلاء “اللاجئين” من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشيرة إلى استمرار هذا النظام المزعزع للاستقرار، والذي يتجسد غضبه ضد المغرب في إصراره على الاستمرار كمصدر دعم وتمويل لجميع الحركات الداعية إلى الكراهية والدمار والاعتداءات على أمن العديد من البلدان في القارة، في العمل لما يقرب من خمسة عقود من “وكيله” “البوليساريو” من أجل زيادة الانقسام والفوضى والعنف في قارتنا، خاصة في منطقة الساحل. ويتابع صاحب المقال أن “البوليساريو” عقدت، في هذا السياق، بحسب عدة مصادر في عالم الاستخبارات، تحالفات مع مجموعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل. وأشارت الصحيفة الإيفوارية إلى أن “البوليساريو، من أجل تمويل نفسها أو إثراء قادتها، تشارك بنشاط في الاتجار بالبشر مع المهاجرين الأفارقة، وفي الاتجار بجميع أنواعه، وتستغل انتشار ووفرة الأسلحة الناتجة عن التجارة الدولية في منطقة الساحل والصحراء”. ويسجل المصدر ذاته أنه تم توثيق انضمام العديد من أعضائه إلى الحركات الإرهابية لتنفيذ الأجندة التدميرية لهذا الكيان العميل، والتي تستهدف المملكة المغربية ودول أخرى في المنطقة (مالي، النيجر وبوركينا فاسو)، مشيرا إلى أن هذا التوجه يتجلى في العدد الكبير من التصريحات العدوانية التي أدلى بها ممثلو “البوليساريو” خلال “لقاءاتهم” الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ضد المغرب. وخلصت الصحيفة إلى أنه، وفي تطور خطير، أطلقت “البوليساريو” عبر صوت المدعو البشير مصطفى السيد، عضو ما يسمى “الأمانة الوطنية للبوليساريو”، دعوة واضحة لارتكاب هجمات إرهابية في الصحراء المغربية.

RSS
Follow by Email