الوطنية بريس حميد عسلاوي

تعد مدينة مكناس إحدى حواضر المغرب الشهيرة خلال العصور الإسلامية، برزت في عهد الأدارسة، ورأت النور وأصبحت حاضرة خلال القرن العاشر الميلادي في عهد المرابطين، وظلت مدينة مهمة وحاضرة كبرى في عهد الموحدين والمرينيين؛ غير أنه إبان الفتن التي أنذرت بانقراض دولة بني مرين أصاب التخريب بعض أجزاء المدينة ومنشأتها إلى حين مجيء أبو زكريا الوطاسي الذي أعاد الحياة للمدينة وضواحيها حسب ما سجله ابن غازي:
” فتوالت عليها الفتن.. ثم تداركها الله سبحانه بدخول الأمير أبي زكريا الوطاسي فأحسن إلى أهلها… وجدد بها بعض الرسوم الدارسة”.
وعلى إثر بيعة المولى إسماعيل عرفت مدينة مكناس أهم مرحلة في التوسع العمراني، إذ اتخذها عاصمة لملكه وجعلها تتبوأ مراكز الصدارة من بين الحواضر المغربية.
كان طموح المولى إسماعيل هو أن يجعل مكناس مدينة تضاهي العواصم الأوربية حتى أنها وصفت بفرساي المغرب مقارنة مع فرساي الملك لويس الرابع عشر المعاصر للمولى إسماعيل وقد عرفت المبادلات والسفارات بين العاهلين شأوا كبيرا آنذاك.
واليوم فإن أشد ما تفخر به مكناس هو مآثرها الإسماعيلية كباب الرايس والبردعيين، باب جديد، باب الخميس، باب منصور لعلج، هري المنصور، مربط الخيول، وصهريج الصواني، قصر المنصور، الدار الكبيرة، ساحة الهديم، لالة عودة والأبراج العديدة الشامخة، فضلًا عن المدينة العتيقة وجوامعها ومآذنها العديدة وأضرحتها وزواياها. لقد استحقت المدينة بما تحضنه من مآثر تاريخية هامة أن تسجل لدى منظمة اليونيسكو في قائمة التراث العالمي سنة 1996. واليوم ونحن نشهد نهضة اجتماعية واقتصادية وعمرانية لجل مدن المغرب يهزنا الشوق وتحركنا الغيرة على هذا الوطن عامة ومدينة مكناس خاصة لكي ينفض عنها غبار الإهمال وتعود إلى رونقها الذي كانت عليه سابقا، وأقصد بذلك البنية التحتية للمدينة حيث تغرق الكثير من الأحياء في الظلام الدامس بسبب انعدام الإنارة، وتتخبط السيارات والحافلات في طرقات غير معبدة، ويتحير الأطفال ويفتقدون فضاءات للعب، بالإضافة إلى شبه انعدام المناطق الخضراء للتنزه والاستجمام. نحن ندرك الإكراهات التي تتوالى على هذه المدينة ونتفهمها، لكن كل ذلك لا يمنع من تحقيق الحد الأدنى للنهوض بالمدينة والعمل على ازدهارها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email