الوطنية بريس حميد عسلاوي

تشهد مدينة مكناس الإسماعيلية إصلاحات وترميمات مهمة تشمل كل المآثر التاريخية للمدينة التي تكتنز تراثا حضاريا نفيسا، ويسهر القائمون على هذه الترميمات على أن تتم في الزمن المطلوب وبالشكل والجودة المشروطة، تنفيذا لتعليمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي كان قد أعطى في وقت سابق تعليماته لترميم مآثر المدن العتيقة بالمملكة.

ومواكبة من المجتمع المدني لهذه الإصلاحات الكبرى تنظم الهيئة الوطنية لمغاربة العالم ندوة علمية في موضوع :”آفاق مشروع تثمين المدينة العتيقة وانعكاساته الإقتصادية والإجتماعية”، وذلك لتسليط الضوء على أهمية وقيمة هذا المشروع الذي ينخرط في تأهيل المدينة العتيقة لمكناس، وإعادة وهجها وجاذبيتها ، ما سيمكنها من أن تكون الوجهة السياحية المفضلة لزوارها.

ومعلوم أن مكناس القديمة، تبقى تراثا ثمينا، وتاريخا ناطقا بتفاصيل الحضارة المغربية، معمارا وإعمارا، ذلك أنها تشكل عقدا لجواهر من نفائس ما صنعه الانسان المغربي على مر العصور والأحقاب من معمار متفرد وتراث مادي ولامادي يعكس أسلوب الحياة بهذه المدن العتيقة التي تشكل متنفسا تاريخا ورمزا حضاريا ينضح بالعبقرية المغربية في نمط العيش المشترك .

إن المدن المغربية العتيقة التي تبصم على الهوية الثقافية والرمزية للخصوصية المغربية، تعد واجهة جاذبة لزوارها من مختلف اصقاع العالم، وتعد الفاعل الأساس في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال ما تزخر به من صناعات تقليدية ونفائس من ما أبدعته أيادي الصناع المغاربة في مختلف المنتوجات التي تغري بخصوصيتها وبطابعها الحضاري المغربي زبائنها المغاربة كما الأجانب.

ونظرا لما تحظى به هذه المدن العتيقة من رمزية تاريخية وثقافية، كانت دائما محطة إنقاذ ورد الاعتبار لها من خلال صيانة آثارها الذي يتعرض بفعل عوامل الزمن إلى التدهور والتراجع والتعرية

ومعلوم أن جل المدن المغربية قد حظيت بتصنيف اليونسكو لها تراثا إنسانيا عالميا،  ما يجعلها قبلة للسياحة الدولية والوطنية يعتمد عليها المغرب بشكل أساسي تحريك النشاط السياحي . كما تمثل هذه المدن رصيدا نفيسا من الهندسة المعمارية لفن البناء والتشييد والتنظيم.

ففي تنوع أشكالها الهندسية ومواد بنائها يكمن غناها الجمالي، الذي يعطيها خصوصية متلائمة مع وظيفتها وبيئتها المادية والمناخية، إضافة إلى أنها تعتبر مصدرا للإلهام ومرتكزا أساسيا للتنمية المستدامة.

والمدينة العتيقة لمكناس الإسماعيلية تكمن خصوصياتها من حيث انتماؤها لجيل المدن المغربية العتيقة ولكونها عرفت فيما مضى نوعا من التجانس والتوازن في بنياتها الحضرية بمختلف أنواعها الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، وحتى الدينية والروحية أيضا. باعتبارها الحاضنة لعاصمة المملكة في عهد السلطان المنصور الذهبي.

وما تزخر به المدينة الإسماعيلية من رواج تجاري ونشاط اقتصادي وما تحتضنه من ساكنة توزعت إثنياتها وجنسياتها وثقافتها لتعيش جميعها عيشا مشتركا انصهرت فيه كل عوامل الاختلاف لتعطي إبداعا مغربيا حضاريا صرفا تمازجت فيه مختلف الثقافات والخصوصيات البشرية لتتبلور حمولة ثقافية زاخمة بالحياة والعطاء والابداع.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email