أخبار
سيدي محمد الشياضمي بين جذبة الألوان وعبق الأصالة
بقلم: الكاتب المسرحي والناقد: سعيد ودغيري حسني
تغنت كوكب الشرق أم كلثوم في عز شبابنا بمقطع جميل و يرسخ في الذاكرة حيث تردد بفرح: ” يا حبيبا زرت يوما أيكه طائر الشوق يغنى ألمي”.
وأنا زرت أيك أو عش أو كما يقال بالعامية المغربية “العشة” التي يقيم فيها ويشتغل الفنان سيدي محمد الشياضمي وكانت أول زيارة لي لكوكب الفنان الذي تحكمه قوانين خارج النص المألوف وكل ما هو معروف من أبجديات الإنسان العادي.
كوكب تحكمه آلهة الألوان وبقايا أشياء بلا عنوان وخيال كالسحاب يعلو الجبال. لا معنى للوقت في كوكب الفنان سيدي محمد الشياضمي فالوقت ذوبته الألوان وصاغت منه أشكالا هندسية من زمن التراث المغربي المجسد بالزربية أو الأبواب أو الأقواس أو الزليج وغيرها من زمن الإبهار الذي عاشه ذات زمن بين صناع الإبداع في العاصمة العلمية فاس والصناع التقليديين بمدينة الصويرة. شاهدت لوحات ذات تيمات شبهتهم حينها بالنجوم فكل نجم له موقعه وهواه ويعبر عن كينونة ما تجعلك تغوص فى عمق الألوان التي تجذبك بحنان لتتكون عندك فكرة أو انطباع يجعلك في قمة السعادة لأنك أخيرا فهمت مغزى الألغاز وسبرت أغوارها مما يبهج الفنان ويجعله يشعر بقيمة ما تقترف يداه ولعمري هذا ما حصل لي في أيك الفنان سيدي محمد الشياضمي.
وأردت تقاسمه معكم بطريقتي راجيا أن أكون قد توفقت فن نقل المشاعر ووصف المظاهر حتى لا تكون زيارتي له زيارة عابر.. بخصوص اللوحات الكثيرة التي جذبتني كل واحدة بتموجاتها و دبدبتها الخاصة. كنت اشعر وكان لكل منها مغناطيس خاص بها حيث أقف أمامها مشدوها ومشدودا إلى أن يطلب منى أن أتبعه لرؤية عمل آخر بدوره يأسرني ويطرح عندي أكثر من سؤال لأغوص معه في التفاصيل الدقيقة وفى كذا اختصاص ومجال.
أعرف أن بلادنا تزخر بالمواهب في شتى المجالات والجوانب وأن الفن أحد مقومات التنمية وينعكس إيجابا على النفوس وعلى الاقتصاد بالملموس وقد حان الوقت لنلتفت لمبدعينا ونشجعهم فحينما يبتسم الفنان يبتسم الوطن..
لم أشعر بالوقت يمر داخل كوكب “السيمو” كما يحلو للبعض تسميته ووددت لو أمضيت وقتا أكثر حتى أنصهر بدوري داخل مكونات هذا الكوكب أجمعها من مواد كلاسيكية للصباغة وزرابي شكلت وأصبحت تتكلم لغات أخرى وترقص على نغمات سمفونية متناغمة وموزعة على خرائط الزمن الذي أحسه أنا وأتناغم معه أنا بأدواتي أنا لأخلص بالجهر أنني كنت في ضيافة فنان فلتة من فلتات هذا الزمان.