لا يختلف اثنان أن تاريخ 16 مارس 2020 دخل المغرب مرحلة تاريخية جديدة و حاسمة، بكونه أول بلد إفريقي و عربي يتخذ قرارا سياديا من هذا النوع .
بمعنى أن المغرب بتعليمات سامية و إجراءات احتياطية ضد وباء كورونا بعدما تم تصنيفه كجائحة عالمية، عرف المغرب توقيف أنشطته الاقتصادية بداية و السياحية من خلال توقيف الرحلات الجوية و البحرية في اتجاه كل من إسبانيا و إيطاليا و أمريكا…
و من بين الإجراءات الاحترازية الأخرى التي اعتمدها المغرب اعتماد نظام التدريس عن بعد و بث الدروس عبر قنوات التلفزة المغربية و غلق المدارس و المؤسسات التعليمية الخصوصية و العمومية بجميع مستوياته بدءا من الحضانة إلى التعليم العالي وذلك بتاريخ 16 مارس هذا اليوم الذي شهد أخبارا جديدة و طرق وقائية جديدة لمقاومة فيروس ذو انتشار عالمي.
و على رأسها قرار وزارة الداخلية مساء يوم الإثنين 16 مارس الرامي لإغلاق المقاهي، والمطاعم، والقاعات السينمائية، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب على الساعة السادسة مساء ، باستثناء الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين وكذا المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل، وإلزام المواطنين على مغادرة منازلهم إلا عند الضرورة وتجنب السلوكيات المسببة في انتشار الفيروس كالمصافحة و عدم النظافة و الاختلاط…، وبصفة عامة الدعوة كما أكد عليها رئيس الحكومة في خطاب له يوم 14 مارس 2020 الذي أوصى من خلاله المغاربة إلى احترام المعايير العامة للوقاية والسلامة الصحية التي تحث عليها السلطات المختصة.
و لم تنسى وزارة الداخلية الإجراءات التنظيمية التي تهم تدبير النقل العمومي بمختلف أصنافه، من خلال حصر عدد مقاعد الركاب المسموح به بالنسبة لسيارات الأجرة الكبيرة في ثلاثة مقاعد عوض ستة المعمول بها في الفترات العادية، والتزام حافلات النقل الحضري ومركبات الترامواي بعدم تجاوز الطاقة الاستيعابية المخصصة لكل منهما، من خلال احترام العدد المسموح به من الركاب بما لا يتجاوز عدد الكراسي المتوفرة.
وإلزام مهني قطاع النقل بعملية تطهير وتعقيم واسعة لوسائل النقل العمومي عدة مرات في الأسبوع، لتشمل مركبات الترامواي وحافلات النقل الجماعي بمختلف أنواعها وسيارات الأجرة من الحجمين الكبير والصغير.
و شملت الوقاية من هذا الوباء صفوف المحاكم المغربية والنظر فقط في الملفات الاستعجالية والجنحية التلبسية وملفات الأحداث، والتحقيق الإعدادي والطعون المعروضة أمام الغرفة الجنحية.
ويأتي هذا القرار وفق بلاغ نقيب المحامين، استجابة للقرار المتخذ من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وتنفيذا لتعليمات المجلس الأعلى للسلطة القضائية .
و باعتبار المساجد هي أيضا مكان تجمع بامتياز أمرت الهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى، بإغلاق أبواب المساجد في المملكة وعدم أداء الصلوات اليومية الخمس و صلاة الجمعة و منع الخطب بالمساجد و إغلاق حمامتها وتمت إزالة حجر التيمم و التسابيح امتثالا لتعليمات من أمير المؤمنين الملك محمد السادس.

فيروس كورونا بين الصراع الفردي و الإشاعة المؤذية و الخوف من الموت …
شهد الأسبوع الثاني من شهر مارس ظواهر متعددة أربكت أفراد المجتمع المغربي و الأولى تتجلى في تهافت الناس على المأكولات و الثانية تكاثر الإشاعات و الأخيرة في الرعب الواضح الذي أثار الرهاب الاجتماعي,
الكل منا لاحظ التوافد غير الاعتيادي على المتاجر الكبرى للبيع بمختلف جهات المملكة المغربية لشراء بعض منتجات البقالة، مئات الزبائن قاموا بتكديس السلع في عربات التسوق بطريقة يشوبها التهافت و الصراع من أجل البقاء…
كما أن أوراق المراحيض واللبن كانا يختفيان من على الأرفف بسرعة فائقة و سوائل تعقيم اليدين و القفازات الطبية من عند الصيدليات تلهف كبير و تسارع ملفت للانتباه كأنها وصلت نهاية العالم…
و على الرغم من إصدار بلاغات تتعلق بوجود العرض أكثر من الطلب فيما يخص المنتجات الغذائية، و مواد التعقيم و التنظيف و الوقاية من الفيروس المنتشر، وأن المخزون يكفي عدد الساكنة و يغطي احتياجاتنا مع تزامن موسم رمضان، اتجه بعض المغاربة إلى الدكاكين بجانب منازلهم ونقلوا كميات كبيرة من المواد الأساسية بحجة تخزينها ونفاذها و عدم خروجهم من المنزل…
أما عن الإشاعات التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم فاقت حدة انتشار فيروس هو ليس إلا وباء جاء ليفضح الألسن و إحصاءات الناس المغلوطة، و الكل اعتبر نفسه صحفيا و ينقل أخبار حول الوباء، وآخرون اتجهوا لمنح نصائح مجانية لا أساس لها من الصحة، و حذرت الحكومة بعقوبات زجرية لمروجي أخبار كاذبة و مبالغ فيها حول الوباء المنتشر لمكافحة الإشاعة و الخبر الكاذب في ظل مناسبة كهذه لإعادة تربية قيم و تصحيح مبادئ بعض مروجي المعلومات المغلوطة التي تثير الفتنة …
و فيما يخص الخوف باعتباره إحساس إنساني طبيعي اتخذ نكهة السخرية من الفيروس، و آخرون اتجهوا إلى احتياطات مبالغ فيها ، كل شيء طفا على سطح منصات التواصل الاجتماعي بعد تسجيل المغرب لأول حالة إصابة بالفيروس.
مما لاشك فيه أن طابع السخرية من حدث كهذا و الذي يتعلق بالمرض و صحة الإنسان هو خوف مبيت ، اتضح و انكشف يوم 16 مارس، بالتزام الكثيرين بالنظافة و آخرون تبين خوفهم من خلال وابل الدعاء في الأماكن العمومية و اصفرار وجوه بعضهم وارتجاف أجسامهم ، بعد التهاون الذي عاشه معظم المغاربة إن لم نقل جلهم تعاملوا مع الوباء بطريقة جدية بعد خطوات فعلتها وزارة الداخلية، و وزارة النقل و وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية و هيئة القضاء ووزارة التعليم، تبين الاتحاد المغاربي في تطبيق تعليمات من الجهات السالفة الذكر، و بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا حملات توعوية و مبادرة بالتطوع و هي على الشكل التالي: ” أنا فلان الفلاني، مهنتي كذا…، أضع خبراتي المتواضعة و نفسي و حياتي على ذمة الدولة المغربية لأي عمل تطوعي فيه المصلحة العامة في مدينتي .. نواحيها و كافة ربوع المملكة المغربية….أنا متطوع /متطوعة إذا إحتاجت الدولة إلى يد عاملة لتوزيع الحاجيات اللازمة على المواطنين الموضوعين في الحجر الصحي من أكل وشرب وغيره.
متطوع إذا قبلت الدولة أو دعت مكونات المجتمع المدني للمشاركة في حملات التوعية وجمع التبرعات والتنظيف، وغيرهم من مستلزمات الخروج من الأزمة في إطار استراتيجية وطنية.
أنا متطوع لكل ما يخدم تحذير السلوك المواطنين وانا شديد الإيمان بمسؤولية الدولة ودورها الإجتماعي تجاه مواطنيه.”
هكذا كانت عبارات التطوع التساؤل هنا إلى أي حد يمكن أن يلتزم فايسبوكيون بهذا التعهد على أنفسهم، و أن الحجر الصحي يمنع من هذه اللقاءات، و الأبعد من كل هذا و في إطار روح التضامن الاجتماعي كيف يتم الزيادة في أسعار الكمامات ووسائل تعقيم اليدين واستغلال حاجة المواطنين و المواطنات و استغلال المرض لتلبية أغراض شخصية و بيع كل الوسائل الوقائية بالتقسيط و اعتبار “المصيبة” صفقة مربحة هذا ما قام به بعض المغاربة مما لا شك فيه و مما يدعو للأسف و التحسر لاستغلال بعضنا البعض في مثل هذه الظروف الحرجة و الموت متربص بنا قبل أن يتربص بنا المرض الفتاك مثل هذا الوباء الذي يذهب بأرواح الإنسانية جمعاء….

بقلم : إيمان الحفيان

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS
Follow by Email